وثائق رسمية تكشف القصة الكاملة لقضية شروق اليمنية في السعودية

تاربة_اليوم / متابعات
18 يونيو 2025
في وقتٍ اجتاحت فيه حملات مناشدة وتعاطف منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، تحت شعار “أنقذوا شروق”، تكشف وثائق قضائية رسمية صدرت حديثًا من المحكمة الجزائية في محافظة جدة، عن قصة مغايرة تمامًا للروايات المنتشرة، تسدل الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الأوساط الحقوقية والإعلامية.
الفتاة اليمنية “شروق أحمد علي عثمان”، التي رُوّج لها باعتبارها ضحية ظروف، اتضح أنها مدانة رسميًا بارتكاب جريمة قتل بشعة، ارتبطت بسلوك جنائي خطير، شمل تعاطي المخدرات، إقامة علاقة غير مشروعة، ثم القتل العمد بحق مواطن سعودي يُدعى “فهد بن محمد البيشي”.
تفاصيل القضية التي حملها نص الحكم القضائي، تؤكد أن شروق، وهي مقيمة في المملكة بطريقة نظامية، تواصلت مع المجني عليه واتفقا على لقاء داخل إحدى الاستراحات الخاصة في جنوب جدة. وهناك، قاما سويًا بتعاطي الحشيش ومواد مخدرة، ثم انتقلا لاحقًا إلى مسكنه بحي الروابي، حيث وقع الخلاف بينهما في ظروف لم توضح بالكامل، انتهى بأن أقدمت شروق على طعنه طعنات قاتلة في مناطق متعددة من جسده، مستخدمة سكين مطبخ كانت في متناول اليد.
وبحسب تقارير الطب الشرعي، فإن المجني عليه توفي في الحال نتيجة الطعنات المباشرة في الرقبة والصدر والبطن، بينما أشارت التحقيقات الجنائية إلى محاولة شروق إخفاء أداة الجريمة والفرار من موقع الحادثة، قبل أن يتم القبض عليها من قبل الأجهزة الأمنية.
لم تقف الأدلة عند هذا الحد. المحكمة وثّقت ضمن حيثيات الحكم أن المدعى عليها صاحبة سوابق في تعاطي الحشيش، وأن فحوصات الدم التي أُجريت لها عقب القبض عليها أثبتت وجود مواد مخدرة في جسدها وقت وقوع الجريمة. كما أقرّت خلال التحقيقات بوقوع الحادثة، وتفاصيل التواصل الذي سبقها، مما عزّز من موقف الادعاء.
وبعد دراسة ملف القضية، أصدرت المحكمة حكمها النهائي بـ القتل قصاصًا على شروق أحمد علي عثمان، مع تمكين أولياء الدم من ممارسة حقهم في العفو أو المطالبة بتنفيذ الحكم.
اللافت في هذه القضية، هو حجم التفاعل الشعبي والإعلامي الذي سبق صدور الحكم، حيث أُطلقت حملات إلكترونية لجمع التبرعات لعتق رقبة شروق، مدفوعة بروايات غير دقيقة تم تداولها دون التحقق من مصدرها أو الاطلاع على محتوى الملف القضائي. البعض ادّعى أن الجريمة وقعت “دفاعًا عن النفس”، وآخرون تبنّوا خطابًا إنسانيًا غير مدعوم بأي وثائق.
ما تكشفه هذه الوثائق اليوم، هو درس مؤلم حول خطورة الاعتماد على سرديات من طرف واحد، خاصة في قضايا تمس الأرواح والعدالة، وتؤكد في الوقت ذاته أهمية الرجوع للمصادر الرسمية قبل إطلاق أو دعم أي حملة رأي أو تمويل شعبي.
شروق ليست مجرد فتاة تواجه عقوبة الإعدام، بل أصبحت مثالًا حديثًا على كيفية تزييف الحقيقة في عصر السرعة الرقمية، وعلى الدور المحوري الذي يجب أن يلعبه الإعلام التحققي، لا العاطفي، في كشف ملابسات القضايا الجنائية