حضرموت بين الديمقراطية والدكتاتورية

كتب / انس علي باحنان
السبت 21 ديسمبر 2024
ثمة معضلة ومشكلة تواجه الحضارمة في داخل الوطن ، وتحول بين ديمومة رقي وتطور حضرموت الحضاري و حل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والأدبية .
وعلى الرغم من المخزون العلمي والثقافي والمعرفي عند الحضارمة ، خاصة بعد النهضة العلمية وبروز كفاءات علمية في مختلف مجالات المعرفة ، علاوة على ما تتمتع به حضرموت من موروث الحضاري ، وما تملكه أرضها من خيرات ومقومات اقتصادية ، فعلى الرغم من ذلك كله ظلت حضرموت تراوح مكانها دون مواصلة مشوارها الحضاري ، و كأنه قد توقفت عجلة التنمية بمفهومها الواسع عن السير نحو آفاق أرحب وأوسع .
ومن خلال الاستقراء لمعرفة سبب ذلك الركود و التخلف أو التعثر وجدنا أن الحضارمة وخاصة الطبقة المثقفة و الواعية منهم ، أو من تصدر المشهد تحت اي يافطة للاسف هولاء القوم لا يسلم اي احد للآخر ولا يعترف له بفضيلة ، وربما تعامل معهم بشي من الدونية و العظمة و الأنفة والاستكبار والاستعلاء ، وهو ما يجعله يمارس الدكتاتورية بأبشع صورها ، ولربما سعى لمحوه من الوجود متى ما سنحت الظروف بذلك .
عزيزي اعطيك مثال لذلك على الرغم أن الحضارم اليوم متفقين وبمختلف انتماءاتهم أن حضرموت فوق الجميع ومصلحتها مقدمة على كل اعتبار ، وليس هناك ثمة خلاف بين الجميع على أن حضرموت اليوم مهمشة وارض ثرواتها مستباحة ، وان هذا الوضع لا يقره أحد فعلى الرغم من ذلك ، فتجد كل طرف يرى أنه هو الاعرف وأنه هو الاحرص على حضرموت ومستقبلها ، بل وأنه هو خير من يمثلها ويتكلم باسمها ولا احد سواه .
ومن هنا كانت العقبة الكؤد نحو انطلاق حضرموت ومواصلة دورها الحضاري ، وفي مثل هذه الحالة فلا يصلح مع حال حضرموت و الحضارم إلا النهج الديمقراطي ، والشوروي ، ومؤسسات المجتمع المدني ، وسن و و ضع القوانين التي تنظم العقد الاجتماعي المنفرط بين جميع الحضارمة على مختلف اتجاهاتهم وتنظيماتهم على قاعدة ذا الفرس وذا الميدان وفي ذلك فليتنافس المتنافسون والبقاء للافضل .
أن التجاذبات والنزاعات والاختلاف المذموم بين الحضارم هو سبب كل بلية .
فمثلا إشكالية قيادة شؤون حضرموت الاقتصادية والإدارية والسياسية المتمثلة غالبا في منصب محافظ المحافظة والمكاتب التنفيذية والمؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية تظل قائمة ، لان كل طرف يرى أنه الحق بها واهلا لها و هو الاولى بها دون غيره ، خاصة إذا ما نظر لها انها مغنما لا مغرما .
ففي هذه الحالة سيظل الصراع على أوجه بين الحضارم ، ولن تنتهي حلقاته ، الا بوضع ضوابط للحد من هذا الصراع ، وليس من طريقة إلا أن يرضى كل الحضارم و يرضخوا للنهج الديمقراطي والعدالة والمساواة و تكافؤ الفرص ، اي ان لا يصل اي حضرمي الى اي منصب بدا بمنصب المحافظ والمجالس المحلية الا عن طريق ممارسة الشورى والديمقراطية والانتخابات الحرة والنزيهة التي يكون فيها الفيصل صندوق الاقتراع والإرادة الشعبية والجماهيرية .
وبدون ذلك سوف يظل الصراع قائم بين كل أبناء حضرموت على الكرسي والمسؤلية ولن تتقدم حضرموت خطوة للأمام وستظل تراوح مكانها إلا أن يشاء الله .
فهل حان الوقت لفئة من الحضارم أن يتبنوا هذه الاتجاه بوضع وسن اللوائح والقوانين والأنظمة الإدارية ، وعرضها والترويج لها ، ودعوة الناس للالتفاف حولها للخروج من هذه الدوامة .
ومن هنا يظل تجاذب حضرموت بين الديمقراطية والدكتاتورية فلمن ستكون الغلبة يا ترى .
نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد .