العملة اليمنية إلى أين ؟

مقال لـ / خالد الصيعري
الجمعة 25 اكتوبر 2024
الريال اليمني هو العملة الرسمية في اليمن يشهد تدهوراً كبيراً في قيمته خلال السنوات الأخيرة هذا التدهور ناتج عن مزيج من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ساهمت في تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد .
ومن أسباب تدهور الريال اليمني الاضطرابات السياسية والأمنية حيث أن اليمن بلد ذو تاريخ طويل وثقافة غنية يعاني من سنوات طويلة من الصراعات والتوترات السياسية والأمنية التي أثرت بشكل كبير على اقتصادها وعملتها الوطنية الريال اليمني فالتدهور السياسي الحاصل الآن يعتبر من الأسباب التي أدت إلى تدهور الريال اليمني وعدم الاستقرار السياسي المستمر منذ العام 2011 واليمن تشهد سلسلة من الانتفاضات والتوترات السياسية والتي أسفرت عن تغييرات جذرية في الحكومة وإدارة الدولة بشكل غير فعال هذه الاضطرابات السياسية جعلت من الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية .
وزاد من هذه الفساد وسوى الإدارة بالإضافة إلى ذلك التوترات بين القوى الساسية المختلفة ونقص التوافق الوطني أسهم في تفاقم الوضع السياسي والاقتصادي .
أيضاً بالإضافة إلى التدهور السياسي يعاني اليمن من حالة يمنية متدهورة الصراعات المسلحة بين الحكومة والحوثيين وكذلك الجماعات المسلحة الأخرى أدت إلى تدمير البنية التحتية وتشريد ملايين الأشخاص .
هذه الحالة الأمنية الغير مستقرة جعلت من الصعب على المواطنين والشركات العمل بشكل طبيعي مما أدى الى تراجع الأنشطة الاقتصادية وزيادة البطالة .
الحرب والنزاعات المسلحة أيضاً ساهمت في انقطاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء مما أدى إلى تعطيل الإنتاج الزراعي والصناعي وهذا الانقطاع أدى إلى زيادة الاعتماد على الواردات الذي سبب معدلات التضخم وأدى إلى تدهور قيمة الريال اليمني ونتيجة لهذه الأوضاع السياسية والأمنية شهد الاقتصاد اليمني تدهوراً ملحوظا انخفضت الإيرادات الحكومية بشكل كبير بسبب تراجع صادرات النفط والغاز التي كانت تمثل المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية هذا النقص في الإيرادات دفعت الحكومة إلى طباعة المزيد من العملة لتغطية النفقات مما أدى إلى زيادة معدلات التضخم وتدهور قيمة الريال .
إضافة إلى ذلك الانقسام السياسي أدى إلى وجود حكومتين متنافستين في الشمال والجنوب كل منهما تدير اقتصاد منفصل وتحاول التحكم في موارد البلاد هذا الانقسام تسبب في تضاعف الجهود وعدم التنسيق بين السلطات المختلفة مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية وإلى التضخم المرتفع الذي يعد من أخطر المشكلات الاقتصادية التي قد تواجه أي دوله وتفاقمه يؤدي إلى انهيار العملة الوطنية وانخفاض الإنتاج المحلي الذي بدوره أدى إلى تدمير البنية التحتية ونقص المواد الخام والوقود وتراجع كبير في الإنتاج المحلي ومع نقص الإنتاج وزيادة الطلب ترتفع الأسعار مما يساهم في ارتفاع التضخم .
وبسبب تدهور الإنتاج المحلي تعتمد البلد بشكل كبير على الواردات لتلبية احتجاجات السوق المحلية هذا الاعتماد الكبير على الواردات يزيد من معدلات التضخم خاصة مع تقلبات أسعار العملات الأجنبية فانخفاض قيمة العملة اليمنية زاد من تكلفة الواردات مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة وبالتالي زيادة التضخم .
هذا الانخفاض في قيمة العملة يزيد من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وأيضاً طباعة العملة بدون غطاء اقتصادي أو احتياطات نقدية كافية يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية في السوق مما يساهم في ارتفاع التضخم بشكل كبير .
وبسبب ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى فقدان الثقة في العملة والنظام المالي بشكل عام فأصبح المواطنون يلجئون إلى تحويل أموالهم إلى عملات أجنبية أو أصول ثابتة مثل الذهب والعقارات مما زاد إلى تدهور قيمة العملة الوطنية .
وأما عن العجز في الميزان التجاري اليمني اليمن يعاني من عجز تجاري كبير وهو مؤثر بشكل مباشر على قيمة العملة الوطنية فأسباب العجز في الميزان التجاري اليمني
1- انخفاض الصادرات
اليمن يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز مع تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية انخفضت كميات الإنتاج والتصدير من هذه الموارد الرئيسية مما أدى إلى تراجع الإيرادات من العملة الصعبة .
2- زيادة الاعتماد على الواردات
بسبب نقص الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب على السلع والخدمات تعتمد اليمن بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجات السوق المحلية هذا الاعتماد الزائد يزيد من العجز التجاري ويؤدي إلى استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي .
3- تدهور البنية التحتية
الصراعات المسلحة دمرت جزاء كبيراً من البنية التحتية في البلاد مما أثر سلباً على القدرة الإنتاجية للقطاعات الاقتصادية المختلفة هذا أدى إلى تراجع الصادرات وزيادة الاعتماد على الواردات .
دور العجز التجاري في تدهور العملة اليمنية
أدى العجز التجاري إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي مما زاد من الضغط على الريال اليمني ونقص العملات الأجنبية يجعل البنك المركزي غير قادر على دعم قيمة العملة الوطنية مما يؤدي إلى تراجع قيمتها ومع تزايد العجز التجاري ترتفع أسعار السلع المستوردة بسبب انخفاض قيمة الريال وزيادة تكلفة الواردات هذا يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم مما يضعف القوة الشرائية للمواطنين فالعجز التجاري المستمر يؤدي إلى فقدان الثقة في العملة الوطنية .
الحلول الممكنة لخفض العجز التجاري وتحسين قيمة العملة يكون في تحفيز الإنتاج المحلي من خلال دعم المشاريع الزراعية والصناعية وهذا يمكن أن يقلل من الاعتماد على الواردات ويزيد الصادرات أيضا تحقيق الاستقرار السياسي حيث أن استقرار الأوضاع السياسية والأمنية سيشجع على زيادة الاستثمار في الإنتاج المحلي وتقليل العجز التجاري .
أيضا تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط والغاز يمكن أن يساهم في تحسين الميزان التجاري .
وأخيرا نقول في مقالنا هذا أن العجز في الميزان التجاري اليمني يعد أحد الأسباب الرئيسية لتدهور قيمة الريال فمعالجة هذه المشكلة تتطلب من الحكومة جهوداً متعددة الجوانب لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاستقرار السياسي وتنويع الاقتصاد .