رسالة من وحي عام مضى لعام قابل !

كتب / صبري يسلم صويلح
الاربعاء 21 اغسطس 2024
تطاردني ابنتي عند كل خروج اخرجه مبكرا من البيت : [ متى ترى يا ابي سينتهي الإضراب؟! ] .. التفت اليها فاذا بي اراها مرتحلة حقيبتها المدرسية!! .. يصعقني فعلها ويفجعني .. أضمّها الى صدري وبضمّها لا ادري أاحن عليها لوعة شوقها لمدرستها ؟! ام تراني انما أضم احزاني وآلامي لصدري من حال لا يسر عدو. الّا عدوٍ الدٌّ خَصِم .. وتنساب من عيني دمعة اعتادت وجنتي ساقية وسهل لها من هكذا مآسي .. مسحتُ دمعتي حياءَ ان ترى ابنتي رجل يبكي!! ، وانتشيت لصفحة وجهي ابتسامة مغصوبة. ثم لحرارة الموقف انتزعت لها – مع قلة حيلتي – وعدٌ جبري، ما ادري أمحققه لها غدا ؟! ام تراني انكصه حينما تحق الحاجيات المعيشية ضروراتها وتتزاحم اولوياتها .. لقد وعدتها ان ساذهب بها عامها هذا الى مدرسة خاصة، فيكفيني ويكفيك حسرة من عام مضى.. وليس هذا وحسب، بل وعزّمتُ لها الوعد ان : ستكون يابنيتي مدرسة من افضل المدارس الخاصة .. وقفلت وجهي عنها لوعد جاء مني على مضض..
نعم ليس كلنا قادر على كسر بوابات المدارس المغلقة، ببوابات المدارس الخاصة المفتوحة. لكن بالمقابل خيار أن ننتظر معركة الطرفين حتى تنتهي، هو خيار اخر اشد وأوقع الما من خيار ان يسقط العلم والتعليم ..
لكن؛ ما عساكما انتما ايها المتخاصِمَين – المعلم بنقابته والحكومة بوزراتها – فاعِلَيْنَ بنا وبابنائنا وبمجتمعنا وبنهضتنا وحضارتنا، وهي تنتقض عروة عروة امامنا ؟!
هاهوا الشارع ملَّ لعب الاطفال وضاق منهم تسكعا. وغدت ساعات ليله ونهاره ليس لها عند الاطفال حرمة .. هذا لسان حاله الشارع ينذرنا – نحن الأباء – بفصيح العبارة: ان هم اولئك زبانية الشارع، وجِنِّهِ، ومجانينه، وسُمّاره، وسماسرته. على حين غفلة لَيَتحَينوا فرصة بفلذات اكبادكم فيصيبوهم في مقتل .. فماذا انتم ناظرون؟!
هاهي المدرسة شحبت واجهات نوافذها وابوابها، ومئة شمس وشمس قد طلعت عليها وغربت ذات يمين وذات شمال ولم تستطع منها الابواب والنوافذ ان تشيح هجيرها عنها، او تجد من يقرضها فيميد سطوتها سويعات من نهار .. هاهي جدرانها تستنكر الصمت المخيف المرعب، وتتسأل عن صخب الأبناء اين هو منها؟! . انها تشتاقهم كشتياق الدوحة عصافيرها غدوة وعشية؟! .. هاهي الكتب والعلوم والمناهج المدرسية يصيبها التبلّد وهي سجينة مستودعها تلتصق ادفتها ببعضها إثر رطوبة هجر عشاق ومعشوقين لها .. هاهي رفوفها تستنجد لحِمْلَها يَدٍ تقلب، وشفتين تقبلُ .. تتسأل تلكم المناهج، ومعها الوسائل التعليمية. اليس نحن غذا للعقول وحياة للارواح؟! فَلِما الإصرار على الإضرار ايها المتنازعون هجري؟! اليس فيكم فقيهٌ حكيم؟! ..
ان تنازعكما انما هو حرب الارض المحروقة، وحرب الحرث والنسل .. فان كان لكما قضية قد بيّتم احترابها، فحتربتموها. فقد اصبح المجتمع هو ساحة حربكم وميدانها. وما هو بساحة حربكم ولا ميدان لكم .. ان كانت لحربكما قانون اقرته لوائحكم الوضعية. فلوائح الشرع بيننا وبينكم ان [ لا ضَرر ولا ِضرار ]. وقد حصل بنا الضَرر والضِرار .. وان كانت لحربكما سلاح، وعدة تعدتدونها بينكما. فما اوجع احد منكما غريمه. ولكنكما بسلاحكما اوجعتومنا فادميتم قلوبنا واثخنتم جروحنا، ووزر وزرتم به وزر آخر ..
انتم – احد المتنازعين – اليس انتم الربانيون؟! – هكذا نزل فيكم الكتاب – فما لكم اهنتم العلم والكتاب .. وانتم – ايها الطرف الاخر – اليس جُعلتم اهل الشوكة والسلطان؟! فما لكم اخرصتم الحجة والبرهان .. ان وراء الآكمة ما وراها .. وحاشا لمن يفقه المقصد ويفقه المآل الاخروي ان يكون أكَمَة وأداة لهذا التآمر وهذا الانتقاص من التعليم ومن حضرموت..