اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

بابا متى ؟

بابا متى ؟

كتب / محمد أحمد الجابري
الاثنين 19 اغسطس 2024

صباح كل يوم يطلب من أبيه بأن يذهب به إلى ذلك الصرح الذي لطالما يفكر فيه ويحلم به منذو الخامسة من عمره، من تلك الفترة التي كان يشاهد أخاه صلاح وهو يحمل حقيبته الممتلئة بالكتب والدفاتر والأقلام ذات الألوان العديدة، ازداد شغفاً ليطلب من أبيه بأن يشتري له مثل مايملك صلاح والأب المسكين يخبره ويعده بذلك حال كبر سنه وبلوغه السابعة من عمره عند التحاقه بالصف الأول ابتدائي.

مرت السنون وكبر الشبل مجاهد وعيناه تنطق فرحاً ليسأل أباه: بابا متى تسجلني في المدرسة؟! فقد حان الوقت ليحقق له حلمه وأمنيته، وماهي إلا لحظات حتى دخل الأب في حيره من أمره فكيف يُخبر قرة عينه مجاهد بأنه لايستطيع تحقيق له شي من تلك الوعود، ولسان حاله يقول يابني ليتك تفهم الواقع المرير الذي نمر به، سامحني يامجاهد فأنا أبذل مابوسعي لأجلب لك وإخوتك لُقمة العيش وأكبر مايمكن من أساسيات الحياة الكريمة ولكن لم تُسعفني طاقتي وجهدي ففي كل سنة تزداد الأثقال على عاتقي حتى وصل بنا الحال لما ترى، فهذه السنة التي وعدتك بأن أحقق لك شي من حلمك وأُلحقك بالمدرسة اضرب المعلمون وأُغلقت المدارس وبين المحاولات العديده لإعادة فتحها تتضارب الأنباء بالحلول الترقيعية التي شاب لها شعري بأن يفرض علي رسوم سنوية لكي أحصل لك على مقعد في مدارس حكومية مجانية التعليم في الأصل، فأنا الآن أسهر الليالي الطِّوال أفكر لعلي ألقى حلاً لراتبي البئيس الذي لايزال يعلقني على خط الفقر في ظل التضارب المصرفي والزيادات الخيالية في الأسعار فلا هو الآخر ارتفع ليوافق متغيرات الحياة ولا انقطع وانقطع به الأمل ليخلصني مما أنا فيه، بل في كل مرة يزيدني هماً وغما، فأنا الآن خبير اقتصادي عليكم في البيت وبشهادة تفوق، أُسدد وأُقارب بين مصاريف البيت وبين ماأوفره لكم لكي لاتجد في نفسك تقصيراً مني مقارنة بأقرانك من أبناء الحي الذين منّ الله عليهم.

بُني، صبراً عليَّ سنة أخرى حتى نجد عملاً لأخيك صلاح فنُخرجه من الصف الثامن حتى يكون عوناً لنا ويفتح الله علينا رزقاً ثم أعدك بأن أُلحقك بمدرسة أهلية وأُحقق لك حلمك لتعيش شيئاً من طفولتك أسوة ببقية أقرانك.

وبعد طول هذا الخيال نطق الأب لإبنه قائلاً: لعل صلاح يصلح الله به حالنا ولعلك يامجاهد تجتهد وتجاهد في هذه الحياة حتى تتخرج و تَقر أعيننا بك يوماً فتكون مسؤولاً فتسعى لِئلّا يعيش أحد الأطفال ماعشته الآن في حياتك
رد مجاهد ببراءته: اللهم آمين.

وفي الأخير
هل يعيش مجاهد طفولته ويلتحق بالمدرسة أم يبقى منتظراً لوعود أبيه المغلوب على أمره؟!

هل سيصل الحال بالأسر الفقيرة لتسريب أبنائها من التعليم لغرض العمل ومعونتهم لمواجهة شظف العيش ؟!

إلى متى سيبقى المواطن المعني الوحيد بتحمل أعباء هذه الحياة في ظل غياب الحلول الجذرية؟!

إغلاق