الحصار يشتدّ على : طريق الضبة مغلق، طريق الريان مغلق، مطار الريان مغلق، والبحر مقيد أمام الصيادين

كتب / عبدالقادر باسويد
السبت 15 يونيو 2024
**حضرموت – حصار محكم وسياسات متخاذلة**
تحت السماء الزرقاء الصافية والجبال الشامخة، تقع حضرموت، واحدة من أهم المحافظات اليمنية بتراثها العريق وموقعها الاستراتيجي. ومع ذلك، تحوّل هذا الجمال إلى مكان محاصر من كل اتجاه، حيث يعاني المواطنون من إغلاق الطرقات والموانئ والمطارات، ما وصل إلى ذروته مؤخراً.
في شمال اليمن، تتزايد المبادرات لفتح الطرقات وتسهيل حركة الناس والبضائع، في حين أن الأوضاع في حضرموت تزداد سوءاً، مما يترك مواطنيها يعيشون تحت وطأة الحصار بمختلف أشكاله.
تشهد حضرموت إغلاقاً محكماً للطرقات الأساسية. طريق الضبه وطريق الريان مغلقان، مما يعطل الحياة اليومية للسكان ويحول رحلاتهم إلى كابوس مستمر. قد يبدو لأنظار المتابعين أن هذه إغلاقات مؤقتة لأسباب ضرورية، ولكن بالنسبة لأهالي حضرموت، هي جدران عازلة تفصلهم عن أحلامهم وأعمالهم وأحياناً عن حياتهم نفسهم.
مطار الريان، الذي كان يشكل شريان حياة لمرضى حضرموت، مغلق. يعيش المرضى وأسرهم حالة من اليأس والألم، منتظرين بادرة أمل لفتح هذا الشريان الضروري لنقل المرضى للعلاج في الخارج. هذا الإغلاق لا يزيد من معاناة المرضى فحسب، بل يعمق من جراح المجتمع ككل.
لم يعد البحر في حضرموت مصدراً للرزق، فقد منعت السلطات الاصطياد، مما أدى إلى حرمان مئات الأُسر من مصدر دخلهم الأساسي. تعد الثروة السمكية أحد أهم الموارد الاقتصادية لسكان المنطقة، ومع غلق أبواب البحر في وجوههم، تتجه حياتهم نحو قاع الفقر.
*وفيما يتعلق بالجانب التعليمي، فقد تعطل التعليم تماماً بسبب قطع رواتب المعلمين، وهو ما يغلق أبواب الأمل في وجه الأجيال الناشئة التي تبحث عن تعليم يوفر لها مستقبلاً أفضل. لا يستطيع المعلمون تحمل نفقات المعيشة دون رواتبهم، مما يجبرهم على ترك مهنتهم الشريفة بحثاً عن مصادر دخل أخرى.*
وتستمر معاناة الأهالي مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً، حيث لم ترَ المنطقة أي تحرك من الجهات المسؤولة لحل هذه الأزمة. يعيش الناس في ظلام دامس، مما يفاقم من شعورهم بالعزلة والعجز.
من المثير للاستغراب والمخجل أن تتحول المكونات الحضرمية إلى دكاكين تخدم مصالح خارجية وتتخلى عن مطالب حضرموت الحقيقية. يتساءل السكان عن دور حلف قبائل حضرموت، ومرجعية قبائل حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع، ومؤتمر حضرموت الوطني في التصدي لهذه الأزمات.
إن أكثر ما يؤلم هو تحول العسكري الحضرمي، الذي كان يعد حامي الديار والدرع الواقي، إلى مجند ضد أهله، يقطع أرزاقهم ويزيد من معاناتهم، فقط من أجل تأمين راتبه الشهري. هذا التناقض الفادح يثير تساؤلات حول الولاء والواجب والمسؤولية.
في ظل هذه الظروف المجحفة، يوجه أهالي حضرموت نداء استغاثة للعالم ولصناع القرار، لإنقاذهم من هذا الحصار الاجتماعي والاقتصادي والإنساني. فهم يستحقون حياة كريمة ومستقبل أفضل، بعيداً عن الأزمات والكوارث التي تلاحقهم في كل زاوية من حياتهم اليومية.