اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

كيف تصنع الشعوب جلادها !

كيف تصنع الشعوب جلادها !

بقلم / روان الاميري

بالعادة أنا أُحب وأميل للكتابة بطريقة أدبية شاعرية، ولكن في هذا الموضوع على وجه الخصوص لم أستطع، وكل ما فعلته هوَ أنني كبحت رغبتي بالتحدث بالعامية، عمومًا لن أطيل في مقدمات بِلا فائدة، أقصد لكم أنتم، أما بالنسبة لي فهي بمثابة مدِ بمزيداً من الوقت لأخذ النص إلى ما تهواهُ نفسي، وربما أيضًا للتملص مما أريد قوله، أو لعل “أتحاشى” مُناسبة أكثر، ولكن ما لكم ومال هذهِ التفاصيل ! ولكنكم شعوبًا تحب التفاصيل أليس كذلك؟ ها! المعذرة تذكرت بأنكم تُحبون التفاصيل في مواضيع هابطة(جنس، فضائح، التطفل على شؤون الآخرين..الخ) أما فيما يخص التفاصيل ذات الأهمية فأنكم تُصبحون بُلهاء، ولكنها بلاهة مُتعمدة، لولا أنني أُفضل عليها كلمة “جَهَلة” ولكن ذلك سيدخلنا في شروحات مطولة إذ أن الجَهل يُكتسب وكون الشعب جَاهلًا فهذا يعني بأنهُ تم العمل على جعله كذلك(وهذا صحيح على كل حال) حسنًا دعونا نعود إلى نقطة البداية(ليس بداية النص) ونتساءل فيما بيننا ! ترى من هوَ المسؤول الأول عن تحطيم هذا الوطن؟ كيف وصل هذا الوطن إلى ما هو عليه الآن؟ تحديدًا في القرن الواحد والعشرين، في عصر التطور والتكنولوجيا والازدهار، في عصر أصبح فيه كُل شيء ممكن الحدوث (ماعدا نهوض اليمن) لأن ما يحدث به العكس تمامًا، فالأمم تتقدم ونحنُ نعود للوراء، لك أن تتخيل عزيزي القارئ بأن هُناك دولة لا تزل حتى يومنا هذا بِلا كهرباء وهذهِ ليست مزحة بل حقيقة رغم قسوتها ألا أنها تبعث على الضحك والسخرية، وأنني أعتذر على كوني أطلقت عليها مُسمى دولة، فهي مجرد بقعة غير صالحة للعيش، فأبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء وخدمات غير موجودة، أن كل ما يحدث بداخل هذهِ البقعة غير إنساني، يؤسفني ما توصل إليه هذا البلد ولكن ما يُثير أسفي حقًا هوَ الشعب الذي إرتضى بإذعان مُهين هذهِ المهزلة، والتزم الصمت أمام جبروت حكومة فاسدة لم تعمل مطلقًا لصالحه، وأنني أعتذر مجددًا على أنني اسميتها حكومة، إنما هيَ عصابة تُدير وطن بأكمله لأجل مصالحها الشخصية، تختلس أموال الشعب وتسحق حقوقهم، عصابة جعلت من الشعب حيوانات تنهش بعضها البعض لتحيا، أجبرتهم على عيش حياة غير آدمية، فَقر، جوع، قتل، غلاء فاحش، وجرائم لا تُعد ولا تُحصى، لربما يأتي أحدهم ليخبرني بسذاجة أن أنظر للجانب الإيجابي(وهؤلاء كثيرون)ولكني لا أرى أي شيء إيجابي في هذا الوطن، فتجميل الواقع بالوهم فما هوَ سواء البقاء في هذهِ المأساة، أن حال هذا الشعب يُذكرني بمقالة “العبودية الطوعية”وهيَ مقالة ترى أن مشكلة الاستبداد والطغيان تعود بالأساس إلى الشعوب، فالمستبدين هم من صنيعة الشعوب، حيث يقول لابويسي بمقالته أن قبول الشعب هو الذي يتيح لواحد أن يوطد سلطانه برضا الجميع” فلولا قبول الشعب بالطاغية لما تمكن من استعبادهم ، لو أنهم لم يمنحوه السلطة لما طالهم بطشه وجبروته ، لما أخذ أبنائهم للحروب لينالوا حتفهم بينما هو غارقًا في ملذاته ، من أين لهم هذه القوة والقدرة لولا أنكم لم تكونوا شركائهم في الجُرم ، يكفي فقط أن تقولوا لا ، أن ترغبوا ولو مرة واحدة بالخلاص ،ثم أن هذا الشخص لا يساوي شيء طالما لم يمنحوه هم بأنفسهم سلطة التحكم بأقدارهم ومكنوه من سلخ حريتهم وانتزاع هويتهم ونهب أملاكهم ، وقتل أبنائهم ، ولولا القوة التي يستمدها منهم ما كان عبث بمصائرهم ، فالسوط الذي بيد الجلاد كان من صنعهم ومتى ما أرادوا بإمكانهم تمزيقه يكفي فقط أن يشعرون بحاجة
لذلك.ولكني أعود واتساءل لما حتى يومنا هذا يتم قبول هذا الذل والمهانة ! لماذا لا يحتج الشعب على هذا العبث والفساد!!وإلى متى سيطول هذا الصمت؟

روان الأميري

إغلاق