اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

أبو حامد الغزالي الباحث عن الحقيقة في رحلته من الشك الى اليقين في كتابه الشهير المنقذ من الضلال

أبو حامد الغزالي الباحث عن الحقيقة في رحلته من الشك الى اليقين في كتابه الشهير المنقذ من الضلال

كتب / أنور عبدالله باشعيوث
الاثنين 4 مارس 2024

كتاب المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال  كتاب بسيط واضح وممتع وفي نفس الوقت عميق جدا يحمل في طياته الكثير من التساؤلات ، حيث كتب  فيه  الامام  الغزالي  تجربته التي  استغرقت إحدى عشر سنة  من العزله و البحث عن الحقيقه ،فترك
كل شئ حوله من بيت وزوجة وأبناء وممتلكات…..  وهام على وجه في الأرض للبحث عن ذلك ، فبدأ حديثه عن مرحله السفسطة والشك  الذي سمّاه بالمرض و التي دامت قرابة شهرين، ثم بعد ما شفاه الله  من ذلك المرض وأنار قلبه “بفضله وسعة جوده انحصرت عنده أصناف الطالبين إلى أربع فرق”

المتكلمون-الباطنية -الفلاسفة -الصوفية
وقد كان يظن “أن الحق لا يخرج  عن هذه الأصناف الاربعة.

وحقيقةً لولا أن المقال سيطول وخشيتي من فتور بعض القراء، كنت سأسترسل خوضه مع هؤلاء الطالبين ولكنني سأكتفي بتجربته في الشك  فقط  ،فمن أراد أن يستنيرويكسر الجمودالفكري لديه ويخرج عن حاجز التقليد الأعمى الذي ابتلينا به اليوم ، ومعرفة الكثير والكثير من التفاصيل  عليه بقراءة  هذا الكتاب ،فالكتاب شيق جداً وممتع،فقد قرأته أكثر من مرة  وفي كل مرة اجد فيه فائدة جديدة وانصح بقراءته، فالغزالي رحمة الله عليه كان حاد الذكاء وكان ابعد الناس أن يدع فكره يتحدد عن طريق عقلية عصره  وكان أيضا يذم المقلدون بشكل لا متناهي ،حيث يشبه الملقد بالأعمى، ” من قلد أعمى فلا خير في متابعة العميان”.
#ومضة إلى اتباع [ البنا، الحدادية، المدخلي ، الجامية، ].

#وللمعلومية أن الغزالي في آخر حياته كان شديد التصوف وفي نهاية رحلته من  الشك إلى اليقين ذكر كلمة “*الكشف*” ولا أدري هل الكشف الذي ذكرها الامام الغزالي هي نفسها *التقية* عند صوفية زماننا .؟

إليكم أعزائي القراء لمحة عن حياته و تجربته ورحلته من الشك الى اليقين

ابو حامد الغزالي هو محمد بن محمد بن احمد الطوسي الغزالي
ولد سنة450 هـ الموافق1058م في قرية طوس وتوفي  سنة505هـ الموافق1111م في مدينة  مشهد  عن عمر خمس وخمسين عاماً ترك خلالها تراثاً صوفياًوفقهياً وفلسفياً كبيراً ،بلغ457 مصنفا ما بين كتاب ورسالة(1) ، و”اعتبر الغزالي في عصره مجدد القرن الخامس الهجري وحجة الاسلام في زمانه”.

بداية رحلته:

ظل ابو حامد الغزالي وفيا لحب الحقيقة  مفضلا حرية التفكير على “طمأنينة العائلة والطائفة”، وعلى الانسياق للفكر السائد، ويرى الغزالي  أن الحقيقة لايمكن  أن توخذ  تقليداً عن الآخرين بل  يجب  أن  يدركها المرء بنفسه عن طريق تفكيره الخاص حيث قال “واطلب الحق بطريق النظر ولاتكن في صورة اعمى …فلا خلاص إلا في الاستقلال”(2)
كان للامام الغزالي منذ صغره  طريقته المستقلة في التفكير ، وكان يرفض التقليد همة الوحيد السعي إلى إدراك حقائق الأمور عن طريق الشك  المنهجي الذي يوصل به  لليقين في كل معارفه الحسية والعقلية،  “لينكشف حينذ عنده  المعلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب ولا شك”.
والواقع  أن الغزالي  واجه تبعية  مذهبية وخصومة طائفية فلم يشأ  أن  يكون واحدا من الإتباع  أراد أن يكون مستقلا  عن هذه  الاتجاهات فيما  يومن به متجرد عن التبعية، فيقول مثلا “فاعلم  ياأخى انك  متى  كنت ذاهبا إلى تعرف الحق بالرجال من غير  أن  تتكل على  بصيرتك فقد ضل سعيك ، فإن  العالم  من الرجال إنما هو كالشمس  أو كالسراج  يعطى الضوء ثم انظر  ببصرك  فإن  كنت اعمى  فما يغنى عنك  السراج  والشمس  فمن عول  على التقليد  هلك هلاكا مطلقاً “(3)
يرى  الغزالي أن الشك  في  جميع المعارف التى يتلقاها المرء  عن طريق  التقليد  يعد أمراً ضرورياً  أثناء  التطور العقلي، في حين أن  استخدامه اي ( الشك)  يجعل الوصل إلى الحقيقة أمراً ممكناً.
وفي حماس بالغ سلك  الغزالي  هذا الطريق وهو  يعلم أنه أمام بحر عميق ، ليكتشف من خلالها الاتجاهات الفكرية في عصره الذي “غرق فيه الاكثرون ، ولم ينج  منه إلا الاقلون”( 4)  لا يتساءل  كيف نجت  هذه الطوائف من هذا البحر العميق  وتوصلت إلى الحقيقة، كما يقول هو عن نفسه في كتابه  المنقذ من الضلال
” ولم أزل في عنفوان شبابي  وريعان عمري  منذ أرهقت  البلوغ   اقتحم  لجه هذا البحر  العميق  واخوض غمرته خوض الجسور  لا خوض الجبان الحذور واتوغل  في كل مظلمة  واتهجم  على  كل مشكلة  واتقحم كل ورطة واتفحص  عن عقيدة  كل فرقة، واستكشف  اسرار مذهب كل طائفة لأميز بين  محق  ومبطل ومتسن ومبتدع” (4)
حب الغزالي للحقيقة  كان طوق  النجاة  الذي ساعده  على الوصول  إلى بر الأمان ، ويصور لنا الغزالي  في المنقذ كيف كان مطلب الحقيقة  مسيطراً عليه منذ صباه وكيف  توصل في وقت مبكر  إلى استقلال عقلي حقيقي فيقول “وقد كان  التعطش إلى درك  حقائق  الأمور دابي وديدني من اول امرى وريعان  عمرى ، غريزة وفطرة من الله  وضعتا  في جبلتى ، لا باختياري  وحيلتى حتى  انحلت عني رابطة  التقليد  وانكسرت  علي العقائد الموروثة⁦ على قرب عهد سن الصبا “(4).

الغزالي والوصول إلى اليقين :

  لقد عرّف الغزالي العلم اليقيني بأنه ذلك العلم  الذي لايدع مجالاً لأى لون من الوان الشك فيقول عن العلم اليقيني”هو الذي ينكشف فيه المعلوم انكشافاً لا يبقى معه ريب”…(4)  وفي الوقت نفسه يقطع الطريق تماماً أمام أي فرصة للوقوع  في الخطأ أو الضلال وبناء على ذلك يقول “ثم  علمت أن كل ما لا أعلمه على هذا الوجه، ولاأتيقنه هذا النوع  من اليقين ، فهو علم لاثقة به ولا أمان معه، وكل علم لا أمان معه فليس بعلم يقيني”(4).
عندها فتش الغزالي عن كل علم حقيقي يحمل هذا المعنى المشار إليه سابقاً،  الذي يقتضى بضرورة اليقين المطلق لكل علم حقيقي، فلم يجد علم  موصوف بهذه الصفه إلا في  الحسيات والضروريات، كما يقول عن نفسة ” ثم  فتشت عن علومي فوجدت نفسي عاطلاً من علم موصوف بهذه الصفة إلا في  الحسيات والضروريات” (4) ،
وبعد ما تيقن الغزالي بأن الحسيات والضروريات من العلوم اليقينية خطرت له خاطرة بالتشكيك فيها ، وهنا حقيقةً دخل الغزالي في معمعة من وجهة نظري، حيث قال” فأقبلت  بجد بليغ أتأمل  المحسوسات والضروريات، وانظر هل يمكنني أن أشكك نفسي فيها”4، فابتدى  بالمحسوسات  وقال في نفسه من اي الحواس أبتدي فقلت أقوها  وهي حاسة البصر ، كما يروى لنا ذلك أيضاً في المنقذ من الضلال حيث قال” من اين الثقة بالمحسوسات وأقواها حاسةالبصر، وهي تنظر  إلى الظل  فتراه واقفا غير متحرك، وتحكم بنفي الحركة، ثم بالتجربة والمشاهدة، بعد ساعة تعرف أنه متحرك  وأنه لم يتحرك  دفعة واحدة ،بل على التدريج ذرة ذرة حتى لم يكن له حالة وقوف”4،  ثم نظر أيضاً إلى الكوكب فرآه صغيرا  بمقدار دينار  لكن الأدلة الهندسية  تدل على أنه أكبر من الأرض في المقدار.
جميع هذه  الأمثلة من المحسوسات  كذبها العقل، فلم يثق بها بعد ذلك الغزالي ، ثم اتجه إلى العقليات والتي هي من الأوليات رغم الاستحالة الظاهرة على ذلك، وبعد التجربة والمشاهدة، فقد الثقة أيضاً بالعقليات ويقول هو في ذلك “فلعل وراء إدراك العقل حاكماً اخر،إذا تجلى، كذب العقل في حكمه، كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس في حكمه وعدم تجلي ذلك  الإدراك ، لا يدل على استحالته “(4)
وصل بعدها الغزالي إلى طريق مسدود اصطدمت إرادة الحقيقة المطلقة بالشك المطلق وبدا له أنه لايمكن  الجمع بينهما ويقول الغزالي في ذلك أيضاً” فلما خطرت لى هذه الخواطر، وانقدحت في النفس حاولت لذلك علاجاً فلم يتيسر إذ لم يمكن دفعه إلا بالدليل، ولم يمكن نصب دليل إلا من تركيب العلوم الأولية،فاذا لم تكن مسلمة لم يمكن ترتيب الدليل، فاعضل هذا الداء”(4).
وهكذااستمرت أزمة الغزالي الفكرية قرابة الشهرين الى أن شفاه الله من ذلك المرض بنور قذفه الله تعالى في صدره ليصل  إلى حقيقةً لا سبيل لأنكارها،وهي حقيقة الله في الوجود وحقيقة العقل في البدن كما قال في ذلك “فأعضل هذا الداء ودام قريباً من شهرين .. حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس الى الصحة والاعتدال ورجعت الضروريات العقلية مقبولة موثوقا بها على أمن  ويقين ، والم  يكن  ذلك بنظم  دليل وترتيب كلام ،بل بنور  قذفه الله تعالى في الصدر، وذلك  النور  هو مفتاح  أكثر المعارف  فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة  المحررة  فقد ضيق رحمة الله”(4).

وختاماً أدعو المهتمين بالقراءة بأن يقروا سير العلماء من المتقدمين مثل كتاب سير أعلام النبلاء وكتاب صفحات من صبر العلماء

*المصادر*
1سيرأعلام النبلاء
2 ميزان العمل 
3 معراج السالكين
4 المنفذ من الضلال.

إغلاق