حضرموت هي الهوية… والهوية حضرموت،،،،

تاربة_اليوم – ‘منتدى مستقبل حضرموت”
16 ديسمبر 2025

حضرموت اسمٌ لأرضٍ وشعبٍ، سابقٌ على الدول، وأقدمُ من التصنيفات السياسية الحديثة. تشكَّل تاريخُها على جغرافيتِها، وسُطِّرت ملاحمُها عبر قرونٍ طويلةٍ من التفاعل الإنساني، فكانت حضرموت معنىً قبل أن تكون اسم، وهويةً قبل أن تكون توصيفاً مناطقياً.
الهوية الحضرمية ليست طارئةً ولا مستعارةً، بل ثمرةُ تجاربَ إنسانيةٍ عميقة، وبيئة قاسية صقلت القيمَ، وتاريخٌ طويلٌ رسَّخ الطبائعَ، وانعكس كلُّ ذلك على ثقافةٍ مميزةٍ منفتحةٍ، متطورةٍ، غيرِ منغلقة.
هذه الهويةُ حملها الحضارمُ معهم إلى العالم، فحيثما حلّوا أثّروا، وحيثما عملوا نجحوا، وحيثما اختلطوا أنبتوا خيراً وإيجاباً وقبولاً وتسامحاً.
امتدَّ أثرُهم من الملايو شرقاً إلى أفريقيا غرباً، مروراً بالهند وفارسَ ومحيطِها في جزيرةِ العرب، وخلّفوا أمماً في شمالِ أفريقيا والأندلس، وتوغّلوا في أوروبا، ثم انطلقوا مع حركةِ العصرِ إلى الأميركيتين.
ارتبط اسمُ حضرموت بقيمِ الزهدِ، والالتزامِ، والأخلاقِ، والصدقِ، والأمانةِ. وحيثما ظهرت ملامحُ هذه الهويةِ، أسرت العقولَ، وتعلّقت بها القلوبُ.
ومن هنا، فإن الهويةَ الحضرميةَ ليست مادةً سياسيةً قابلةً للتوظيف أو التجريف، بل مرجعيةٌ إنسانيةٌ فوقَ سياسية، لا يجوز احتكارُها ولا استغلالُها.
ومن المستغرَب أن يُختزل هذا الاسمُ الضاربُ في أعماقِ التاريخِ الإنساني في توصيفاتٍ وظيفيةٍ عابرة، فيقال: شرقيةٌ أو جنوبيةٌ، أو تُلحق بهويةٍ غيرِها فيقال: حضرموتُ اليمنية. هذه التوصيفاتُ جائزةٌ من غيرِ الحضارم، لأنها تعبّر عن موقعِ حضرموت بالنسبةِ لهم،
أما بالنسبةِ للحضرمي، فحضرموتُ هي المركزُ والمقرُّ والمستقرُّ، وما عداها هو الشرقُ والغربُ والجنوبُ والشمالُ.

فالهويةُ هي حضرموت… وحضرموتُ هي الهوية.