عمرو بن حبريش… صوت حضرموت الهادر ورايتها التي لا تنكسر !!!
بقلم / م. لطفي بن سعدون الصيعري.
الاربعاء 10 ديسمبر 2025
في لحظاتٍ كانت فيها القلوب معلّقة بالسماء، والعيون شاخصة تنتظر خبراً يبدّد الغموض ويكسر حاجز القلق، عاد الشيخ عمرو بن حبريش إلى الواجهة… لم يعد جسداً فحسب، بل عاد كروح لحضرموت المتقدة، وإرادتها الصلبة، وعزيمتها التي لا تُهزم.
عاد كما عهدته حضرموت: بطلها المنافح، وأبوها الحنون، وفارسها المغوار الذي لا يلين أمام باطل ولا يرضخ أمام قوة غاشمة.
غاب بن حبريش أياماً قليلة، لكن حضوره اليوم كان في كل نبض حضرمي، وكل دعاء أمّ صابرة، وكل دمعة مقاتل رابط على ثرى حضرموت الطاهرة. غاب قسراً بفعل الغدر، لكنّه لم يغب عن القلوب. وما إن عاد بطلّته المهيبة في تسجيله المصوّر، حتى وقف له ملايين الحضارمة في الداخل والمهجر وقفة احترام، وقالوا بصوت واحد: هذا هو قائدنا… هذا هو ابن الأرض الذي يشبهها ، في شموخ الجبال واصفرار الصحراء وعمق الشعاب وخضرة الوادي وزرقة البحر الحضرمي.
عرف الناس عمرو بن حبريش فارساً لا يُشق له غبار، وشجاعاً يُقبل على الخطر كما يُقبل الولد على حضن أمه. لا يخشى المصاعب، ولا يهاب المعارك والطيران المسيّر، ولا يتردد إذا تعلق الأمر بحضرموت.
وإن تحدّثوا عن الكرم، فهو سليل قومٍ كان الكرم فيهم ديناً وسلوكاً.
وإن تحدثوا عن التواضع، فلن يجدوا رجلاً يرفع الناس فوق كتفيه مثلما يفعل هو، فيخدم الكبير والصغير، ويعامل الجميع بوجه بشوش لا يعرف الكِبر ولا الغرور.
ولم يكن إقدام الشيخ ووقوفه على خطوط النار جرأة مجنونة، بل كان إيماناً بالله، إيماناً بأن الحق لا يُهزم، وأن الأرض التي دُفن فيها الاباء و الأجداد لا تُسلَّم لغاصب ولا دخيل.
إيمانه هو السهم الذي يشق الظلمة.
وهو الدرع الذي صمد أمام الغدر.
وهو السراج الذي يعيد الأمل لأبناء حضرموت في أحلك اللحظات.
لم يخطُ بن حبريش خطوة واحدة في حياته السياسية إلا وكانت حضرموت في صدره. لم يبع صوتها، ولم يساوم على سيادتها، ولم يخضع لابتزازات الجنوب ولا ضغوطات الشمال.
وقف ويقف دائماً مع كلمة واحدة لا تتغير:
حضرموت لأبنائها… قرارها بيدها… وثرواتها خط أحمر.
وفي خطابه الأخير، ظهر كما يظهر الأسد حين يزأر فيسكتُ الوحوش والبهائم.
وقف ثابتاً، صلباً، بوجه لا يعرف الخوف، ليقول للعالم:
إن هجوم مليشيات الانتقالي كان غدراً ونقضاً للاتفاق، وإن دماء الشهداء ليست رخيصة، وإن حضرموت لن تخضع لواقع مفروض بقوة السلاح.
وقد تضمن خطابه ايضا رسائل عظيمة:
●ترحم على الشهداء وعلى رأسهم النقيب باحميش، ودعا بالشفاء للجرحى، مؤكداً أنهم سقطوا دفاعاً عن حضرموت وثرواتها.
●أكد أن ما حدث كان غدراً وطعنة في الظهر نفذتها مليشيات الانتقالي بالمدرعات وبالطيران المسيّر، في خرق واضح للاتفاق الذي التزم به الحلف.
●شرح بوضوح أن الغدر هو منهج تلك المليشيات ومشروعها، وأنها لا تريد خيراً لحضرموت.
●كشف تواطؤ بعض المسؤولين والعملاء من بني جلدتنا لاسامحهم الله ، الذين لا يريدون لحضرموت أن تقف على قدميها.
●طمأن أبناء حضرموت قائلاً إن رجالها ثابتون على الأرض حتى خروج المليشيا من كل موقع اعتدت عليه.
●جدد رفضه لفرض الأمر الواقع بالقوة، مؤكداً أن الأمن لن يتحقق إلا بتسليم حضرموت لأبنائها.
●أشاد بمواقف الرئيس العليمي ومحافظ حضرموت سالم الخنبشي، وبالدور السعودي في تهدئة الأوضاع وعودة القوات الغازية.
كان خطابه رسالة للعالم أن حضرموت ليست وحيدة… وأن فيها رجالاً إن قالوا فعلوا، وإن وعدوا صدقوا.
وعندما تزأر الأسود… تخرس البهائم
نعم… فحين خرج صوت بن حبريش مدوّياً، ارتجفت قلوب أعداء حضرموت، رغم ما يملكون من سلاح وعتاد.
ارتعبوا… لأنهم يعلمون أن الرجل يقف على أرض حق، وأن حضرموت خلفه كتلة واحدة.
والحق… ولو تأخر… منتصر لا محالة.
وبن حبريش… ليس رجلاً فقط، بل رمزاً وراية ، فهو رمزٌ للشجاعة، وللنخوة، وللمروءة، وللثبات.
هو راية حضرموت التي لا تُنكّس، وصوتها الذي لا يُكمّم، وحصنها الذي لا تهدمه الجيوش الغازية.
هو رجلٌ إذا قال: حضرموت أولاً… جعل منها فعلاً قبل أن تكون شعاراً.
فطوبى لحضرموت برجالها… وطوبى لحضرموت بعمرو بن حبريش… صوتها الحرّ وزعيمها الذي لا يُقهر.






