العمل التطوعي: ركيزة البناء وعماد القيم
بقلم / د: عبدالله باجهام
الجمعة 5 ديسمبر 2025
بمناسبة اليوم العالمي للعمل التطوعي (5 ديسمبر)،
نؤكد أن أسمى درجات الطمأنينة الحقة والسعادة الغامرة تنبع من العطاء المتبادل دون قيد أو ثمن. هذه السعادة تتجلى بالتحديد في بذل الإنسان لأخيه الإنسان، حيث يقدّم المتطوع خدماته مجردة من أي مقابل مادي أو وجاهة معنوية. إنه عطاء يتجاوز رغبة المدح أو الثناء، بل هو انصهار للذات في محراب العطاء . هذا هو السر الكامن وراء تلك السكينة والبهجة التي تغمر قلب كل من يقدم خدمة تطوعية خالصة للغير.
فالتطوع ليس مجرد نشاط عابر، بل هو الجوهر الأصيل والعمود الفقري لـصرح البناء المجتمعي لوطننا الغالي. إنه يرسخ جسور الثقة المتبادلة ويحتضن مبادئ المواطنة الفاعلة التي تُستند على دعائم التعاون والتكاتف. إن العمل التطوعي يساهم بـشكل مباشر وجذري في تجذير معاني الولاء الوطني الصادق، ويغرس في النفوس قيمة الانتماء العميق والشعور بـالمسؤولية المجتمعية الوازنة. كما أنه يعزز قيمة البذل والإيثار، ويخفف الأعباء عن كاهل الجهات الرسمية، مساهم بذلك في النهوض الشامل نحو المستقبل المنشود.
ندعو الجميع، والجهات ذات الاختصاص تحديدًا، إلى إزالة كافة المعوقات وتذليل الصعاب أمام جميع القائمين على العمل التطوعي في المجتمع. كما نؤكد على ضرورة تحفيز الشباب وتمكينهم من تأسيس وتطوير فرق ومجموعات تطوعية بمناطقهم، وتقديم الدعم والمساندة اللامحدودة لهم.
ونتمنى من قادة العمل التطوعي أن يعمدوا إلى دراسة متعمقة لواقع المجتمع، وتحديد الأولويات بـدقة استراتيجية، وضرورة إبراز وتوثيق الحجم الهائل لساعات العمل التطوعي والقيمة الاقتصادية المقدرة لهذا الجهد النبيل. هذا التوثيق سيمكن المجتمع بأكمله من إدراك الدور المحوري والمقدر الذي تبذله الفرق والملتقيات والمجموعات التطوعية، والتي يقدّر عددها في محافظة حضرموت وحدها بـ (400) فريق ومجموعة وملتقى تطوعي يضم في صفوفه أكثر من (40,000) متطوع ومتطوعة.
إن المجتمع يستشعر ويُقدّر عظيم الأثر الملموس للأعمال التطوعية المقدمة من أبنائه. وتظهر هذه الجهود في الميدان من خلال: تنظيم الفعاليات التوعوية المؤثرة، والمشاركة الفاعلة في حملات الحفاظ على البيئة وسقياء الماء، مبادرات التشجير، تنظيم حملات إغاثة الأسر المتعففة، والمشاركة المحورية في الزواجات الجماعية، والتعاون المثمر مع منظمات المجتمع المدني لتنفيذ برامج ومشاريع موسمية ومجتمعية ذات بصمة عميقة.
ختامًا، نوصي كل الأيادي الخيرة بالمجتمع بـالتضامن والمساندة الفعالة مع المتطوعين والمتطوعات؛ هؤلاء هم صُنَّاع الغد المشرق الذين استثمروا أثمن أوقاتهم في النافع المفيد. لنسهم جميعًا في ترسيخ ونشر هذه الثقافة الإنسانية التطوعية في كل أنحاء مجتمعنا.(خير الناس انفعهم للناس ).
: د.عبدالله رمضان باجهام
باحث في العمل الاجتماعي






