اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت… بين الانطفاء العام وصمت القيادة: إلى متى يبقى المواطن وحده في مواجهة الانهيار؟

حضرموت… بين الانطفاء العام وصمت القيادة: إلى متى يبقى المواطن وحده في مواجهة الانهيار؟

بقلم / فؤاد سالم باربود
الثلاثاء 2 ديسمبر 2025

تمرّ حضرموت اليوم بمرحلة من أكثر مراحلها تعقيدًا، حيث تتسارع المتغيرات على نحو ينذر بأن كل طرف سيبحث عن ملاذه في نطاقه الجغرافي، تاركًا وراءه محافظة تستنزف مقدراتها وأنين أهلها. ما يحدث ليس مجرد اضطراب سياسي أو تنازع نفوذ؛ بل هو تفكيك تدريجي لما تبقى من مؤسسات ومكتسبات بناها أبناؤها لعقود.

منذ الأمس يعيش وادي حضرموت في عتمة كاملة. انقطاع التيار الكهربائي لم يعد مجرد خلل فني أو عابر، بل تحوّل إلى عنوان لشلل شامل قد يتكرر غدًا في قطاعات أخرى: الماء، الصحة، التعليم، والخدمات الأساسية. هذا الانهيار المتتالي لا يحدث في فراغ، بل في ظل غياب تام لأي موقف أو تحرك من مجلس القيادة الرئاسي، الذي يبدو وكأنه وضع حضرموت خارج دائرة اهتمامه، رغم أنها كانت ولا تزال أحد أعمدة الاقتصاد اليمني ورافدًا أساسيًا لخزينة الدولة.

المؤسف حقًا أن نرى هذا التجاهل ممن عاش سنوات على خيراتها، وعبر مواردها أمّن مستقبل أسرته، ثم أدار ظهره لها في لحظة الحقيقة. في مقابل ذلك، يبقى المواطن الحضرمي هو من يدفع الفاتورة الأعلى، سواء بانقطاع الخدمة، أو ارتفاع الأسعار، أو تدهور الأمن، أو اتساع الفجوة بين الناس والدولة.

لقد حان الوقت أن يخرج أعضاء المجلس الثمانية من دائرة الصمت، وأن يعلنوا موقفًا ينسجم مع مسؤولياتهم الأخلاقية قبل الدستورية. فحضرموت ليست ورقة تفاوض، وليست مساحة للمساومات، ولا تستحق أن تكون ساحة لاستعراض القوة بين الأطراف. هذه المحافظة حملت الدولة يوم تهاوت مؤسساتها في أماكن أخرى، ومدّت يدها للجميع دون استثناء، وهو ما أكده الرئيس العليمي في أكثر من خطاب حين تحدث عن حضرموت بوصفها “صمّام أمان” وحجر أساس في استقرار اليمن.

لكن الكلمات لا تُقاس ببلاغتها، بل بما يقابلها من أفعال. واليوم، الأفعال غائبة، والصمت يزداد ثقلًا، والأزمات تتوالى، بينما المحافظة تقترب من نقطة حرجة قد يصعب تجاوزها إن لم يتحرك الجميع فورًا.
حضرموت لا تطلب أكثر من حقها الطبيعي: أن تُحترم إرادة أهلها، وأن تُحفظ خدماتها، وأن تُعامل باعتبارها ركنًا وطنيًا لا مساحة مستباحة. الكرة اليوم ليست في ملعب أبناء حضرموت وحدهم، بل في يد من بيدهم القرار، والذين آن لهم أن يثبتوا أن المسؤولية ليست مجرد موقع، بل موقف وشجاعة ووفاء.

إغلاق