بين الدبلوماسية والوضوح: قراءة في تصريحات الخنبشي وبن حبريش
( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : انس علي باحنان
2 ديسمبر 2025
شهدت حضرموت في الآونة الأخيرة تطورًا لافتًا في مجريات الأحداث، تجلّى في دخول مؤسسات إعلامية عالمية على خطّ التغطية الإخبارية لما يدور في حضرموت، وفي مقدّمها قناتا الحدث و بي بي سي الإخباريتان. وقد حرصت هاتان القناتان على استضافة أهم شخصيتين رفيعتين في حضرموت: محافظ المحافظة الأستاذ سالم الخنبشي و وكيلها والشيخ القبلي عمرو بن حبريش.
استمعت لجزء من حديث الرجلين، وكانت لغة الطرح مختلفة تمامًا؛ فبينما اتسم حديث المحافظ بالدبلوماسية والعموميات ــ وهو ما قد يمليه عليه منصبه الرسمي ــ جاء حديث الشيخ عمرو واضحًا، صريحًا، شفافًا إلى أبعد مدى؛ لا مجاملة فيه ولا تزييف ولا مداراة، حتى مع الأطراف الخارجية المتدخلة في الشأن اليمني، والتي اعتاد بعض الساسة اليمنيين والحضارم التعامل معها بمنطق البراغماتية والمصالح الضيقة.
لقد قال بن حبريش بوضوحٍ لا لُبس فيه إن حضرموت اليوم تكتوي بنار دعم دولة الإمارات لما يُسمّى بالمجلس الانتقالي، حيث تُرفَد قواته بالعدة والعتاد، الأمر الذي أفضى إلى زحف هذه المجاميع العسكرية نحو أرض حضرموت بهدف بسط السيطرة على الحقول والآبار والمنشآت النفطية. وهذا ــ كما أوضح الشيخ عمرو ــ يفتح الباب أمام هيمنة سياسية مباشرة على حضرموت وفرض أجندة الانتقالي التي تتعارض تعارضًا كاملًا مع تطلعات الحضارم نحو الحكم الذاتي وإدارة شؤونهم بأنفسهم.
وقد كان الشيخ عمرو صريحًا ثابتًا على موقفه الوطني حين طالب الأشقاء في التحالف العربي والمجتمع الدولي بالتدخّل لوقف هذا الاعتداء، مؤكدًا بثقة أن حضرموت ــ رغم ما تمتلكه من إمكانات ــ ستظل ثابتة في الدفاع عن نفسها وعن مقدّراتها الوطنية. إن هذا الصوت، بما يحمله من منطق راسخ وحجّة قوية، جدير بأن يُسمَع، بل ويُصغى إليه باهتمام.
وأول من ينبغي أن يتوقف عند هذا الموقف الشجاع هو محافظ حضرموت نفسه، كونه الرجل الأول في المحافظة والمسؤول عن حماية مصالحها العليا. ومن هنا، فإن أولى الخطوات التي يجب اتخاذها ــ وبكل وضوح وشجاعة ــ هي خروج أي قوات عسكرية غير حضرمية من أرض حضرموت، بعدما أصبح وجودها موضع شك في أجنداته ورغباته التي لا تتعدّى الهيمنة والاستحواذ على ثروات حضرموت الاقتصادية لا غير.
إن الجهة الأحق والأقدر على حماية هذه الثروة الوطنية، والدفاع عنها، هم أبناء الأرض وأهل الديار؛ فهم وحدهم من يريد لهذه الخيرات أن تكون مصدر أمن ورخاء وعيش كريم، لا مصدر صراع وفتنة وبؤس.
ونسأل الله العلي القدير أن يوفّق الجميع لما فيه خير حضرموت وأهلها وأمنه واستقراره.






