حضرموت على صفيح ساخن: مشهد متوتر وترقّب إقليمي وصراع نفوذ يهدد المستقبل
بقلم / أحمد عبدالقادر بن الشيخ أبوبكر
الاحد 30 نوفمبر 2025
تشهد حضرموت واليمن بشقيه عمومًا في هذه المرحلة واحدة من أكثر الفترات توترًا وتعقيدًا منذ سنوات. المشهد السياسي والأمني مشحون، تحكمه حالة ترقّب من أطراف متعددة، فيما يبدو أن العدو يعمل على استكمال خططه إلى جانب تفكيك المجتمع ونشر الفساد عبر بعض المنظمات، للوصول إلى أهدافه وتحقيق سيناريو مُعدّ بعناية في غرف التخطيط الإقليمية والدولية.
ورغم تعدد الخطابات المعلنة عن “الدفاع عن حضرموت” و“الحق الحضرمي”، إلا أن الفجوة بين الشعارات والواقع تتسع يومًا بعد يوم. فكثرة التصريحات والمزايدات السياسية لم تنعكس على الأرض، بل ترافقها صفقات وتفاهمات غير واضحة تزيد من تعقيد المشهد.
كما يلاحظ المتابعون أن كل طرف يمتلك دائرة من المقرّبين والمناصرين والخبراء والمحللين الذين يعملون على تبرير مواقفه، ما أسهم في خلق بيئة مشوشة تُباع فيها الوعود أكثر مما تُقدَّم الحلول، وكأن المشهد مسرح طويل تتعدد فيه الأدوار بينما يغيب الإنجاز الحقيقي.
منذ سنوات، لم يلمس المواطن خطوات ملموسة نحو الاستقرار أو الإصلاح. وبعد أحداث عدن وتجارب الفشل التي أعقبتها، بدا واضحًا محاولات استنساخ التجربة في حضرموت، تزامنًا مع تصاعد نفوذ قوى تسعى لفرض حضورها على الواقع المحلي، رغم أنها لا تنتمي جغرافيًا أو اجتماعيًا للبيئة الحضرمية.
وتشير تقارير محلية إلى أن الحراك الشعبي المعروف بـ“الهبّة” شهد انحرافًا عن أهدافه المعلنة، حيث جرى توظيفه لمصالح شخصية ضيقة، بدل أن يُترجم إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية ودعم الخدمات العامة، لا سيما في قطاع الكهرباء والوقود.
وفي الوقت ذاته، تتوسع أدوار تشكيلات مسلحة محلية لا تخضع جميعها لإطار رسمي موحّد، بل تعمل ضمن مسارات متفرقة ترتبط بمصادر دعم متعددة. هذا التعدد في الولاءات يشكل تحديًا حقيقيًا لسلطة الدولة وللمؤسسات التي يُفترض أن تمثل المرجعية الأمنية والعسكرية الوحيدة،
وهو ما يخدم التحالف المنفذ لمخططات الغرب المستفيد الأول من نتائج المشهد.
اللافت أن حكومة عدن تبدو متأخرة في التعامل مع هذا الواقع، لتقتصر على دور المراقب من بعيد، في وقت تستدعي المرحلة حضورًا أكثر جدية وحزمًا للحفاظ على ما تبقى من تماسك مؤسسات الدولة.
وفي المقابل، لا تبدو حكومة صنعاء أفضل حالًا، فهي أيضًا مجرد مراقب يحسب التحركات ويتفاعل مع الأحداث وفق وضع لا يختلف سوءًا عن الوضع في عدن.
وتزداد الصورة تعقيدًا مع وجود مناطق عسكرية تنتمي رسميًا للدولة لكنها منقسمة الولاءات بين أطراف مختلفة، في الوقت الذي تشير فيه تقارير أمنية إلى نشاط خلايا متطرفة وخطر عودة تنظيمات إرهابية، إضافة إلى عمل منظمات مشبوهة لبث سمومها، مستغلة العجز وقلة الوعي، ضمن نفس المخطط. كما يبقى الوضع مرشحا لظهور لاعبين دوليين جدد
حضرموت اليوم ليست صراع نفوذ فحسب، بل هي ساحة مفتوحة على احتمالات متعددة، حيث تبدو كالكأس التي يتنافس الجميع على امتلاكها وإخضاعها، بينما يبقى المواطن ومستقبله هو المتضرر الأكبر.
ومع استمرار الانقسام الشعبي وضعف الوعي بالمخاطر الاستراتيجية المحيطة، فإن مستقبل حضرموت واليمن مهدد بدفع أثمان باهظة، إذا لم تتكاتف الجهود، وتُستعاد هيبة الدوله وسيادتها ومؤسساتها، ويُعاد توجيه البوصلة نحو مصلحة الوطن أولًا وآخرًا.






