اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت… الأم التي لا تُجحد، والسند الذي لا ينكسر

حضرموت… الأم التي لا تُجحد، والسند الذي لا ينكسر

بقلم – المستشار القانوني خالد عوض سالم هويدي
الاحد 30 نوفمبر 2025

حضرموت، ذلك الإقليم الذي ظلّ عبر التاريخ سندًا لكل مشروع وطني مرّ على جنوب الجزيرة وشرقها وغربها. كانت سندًا للمشروع الجنوبي يوم كان الجنوب يبحث عن هويته وتماسكه، وكانت سندًا للمشروع الوحدوي يوم رُفع شعار الوحدة كأمل يجمع اليمنيين على مستقبل مشترك ولكن خذلت وتحولت الي بقرة حلوب.
لم تتأخّر حضرموت يومًا عن واجبها، ولم تتردد في مدّ يدها، ولم تكن إلا القلب الذي يتسع للجميع، والأم التي تحنو على أبنائها وعلى أبناء جوارها.

ورغم هذا العطاء، كان جزاؤها في كثير من المحطات الخذلان، وجاءها النكران من أقربين قبل الأبعدين. كثيرون استفادوا من حضرموت، واقتاتوا من خيرها، ثم تناسوا جميلها، كأنها لم تكن يومًا السند والرافعة، وكأن أبناءها الذين قدّموا الغالي والنفيس لم يكن لهم أثر أو فضل.

حضرموت لم تكن إلا أمًّا كريمة، لا تميّز بين ابن وابن، ولم يُعرف عنها أنها أغلقت أبوابها أو ضاقت بأحد. أبناؤها هاجروا إلى أصقاع الأرض، وحملوا روح حضرموت معهم: روح السماحة، والعدل، والعمل، والنزاهة. تركوا بصماتهم في كل وطن حلّوا فيه، وتجد الحضرمي أينما كان يدافع عن الأرض التي يعيش فيها ويخدمها كأنها أرضه، لأن الحضرمي ابن تربية، وابن قيم، وابن تاريخ يعرف أصله ولا ينكر فضل غيره.

وحين تنظر إلى الساحة السياسية، تجد أن كل سياسي حضرمي دخل أي حزب أو تيار بقي متمسكًا بمبادئه وقيمه، لا يساوم على أخلاقه ولا يبيع مواقفه، لأن الانتماء عند ابن حضرموت شرفٌ ومسؤولية وليس غنيمة أو مكسبًا عابرًا.

ورغم كل ما واجهته، فإن حضرموت لن تحيد يومًا عن من يحترم مكانتها وتاريخها، ولن تبتعد عن المشروع الذي يراعي دورها الحقيقي ويمنح أبناءها مكانتهم المستحقة. وهي – جزءٌ أصيل من المشروع الجنوبي، ولكن بشراكة وندية، لا تبعية فيها ولا انتقاص، شراكة تُصان فيها كرامتها، وتُحترم فيها إرادة أبنائها وتاريخهم وتضحياتهم.

فهل هكذا تُكافأ حضرموت؟
هل هكذا يُرد الجميل لأرضٍ لم تعرف إلا العطاء؟
هل هكذا يكون الوفاء لأمٍّ احتضنت الجميع؟

إن حضرموت لا تطلب إلا حقها، ولا تنتظر إلا الإنصاف، ولا تسعى إلا لكرامة أبنائها. وستبقى، كما كانت دائمًا، ركيزة الاستقرار، ومصدر الحكمة، وصوت الاعتدال… ولكن التاريخ لا يرحم من ينكر فضلها أو يحاول طمس دورها.

حضرموت باقية… وبصمتها أبقى… وكرامتها فوق كل اعتبار. .

إغلاق