حضرموت تنتفض: لا للاحتلال ولا لخطاب الزيف الديني
( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : انس علي باحنان
29 نوفمبر 2025
كلُّ الحضارمة، عن بكرة أبيهم، يرفضون رفضًا قاطعًا أيَّ قواتٍ عسكريةٍ غازية، شماليةً كانت أو جنوبية؛ فلا أحد يقبل أن تُحكم أرضُه وأهله وبلادُه بحدِّ الحديد والنار. فهذا أمرٌ مدانٌ ومرفوض، ولا يُقِرُّه شرعٌ ولا دينٌ، أيًّا كانت المبرّرات والدوافع. فكيف إذا كانت النوايا خبيثةً، والأهدافُ دنيئةً وسافلةً ومطامعُها دنيويةٌ ساقطة؟!
ليس غريبًا أن تسعى بعض النفوس المريضة إلى بسط نفوذها واستباحة أرض غيرها بقوة السلاح طمعًا في نهبها؛ ولكن العجب كلُّ العجب أن يُجَيَّر الدينُ والخطابُ الإسلاميُّ ومنبرُ الجمعةِ والمساجدُ لخدمة هذا الباطل! فهنا لا تكون الكارثةُ واحدةً، بل كارثتين: كارثةُ الظلم والجور والتعدّي على الآخرين بكل صفاقة، وكارثةُ من يلبّس هذا الباطل ثوب الدين، فيلوِي عنق النصوص ليشرعن العدوان ويزخرف الظلام.
لقد استمعتُ ــ بمرارةٍ وأسى ــ إلى خطاباتٍ ممن ينتسبون زورًا وبهتانًا إلى الدعوة والإرشاد، يصوّرون مليشيات ما يُسمّى بالانتقالي، التي أصبحت في عداءٍ صارخ مع كلِّ حضرميٍّ يرفض أن تُستباح أرضُه، كأنها جيوشُ الفاتحين من الصحابة تدافع عن بيضة الإسلام وترفع راية الجهاد في وجه الكفار! بل بلغ ببعضهم أن نعتَ الحضارمة بأنهم خوارج وإخوان وموالي المجوس، وأنه يجب قتالهم! فيا للعجب من هذا الخطاب المأزوم، وويلٌ لهم يوم يقفون بين يدي المولى عز وجل يُحاسَبون على ما نطقت به ألسنتُهم، وكأنهم لا يعلمون أنهم مسؤولون.
إنَّ الخطابَ التكفيريَّ واتخاذَ الشريعة الإسلامية وأحكامها المنزَّلة ذريعةً لتبرير الباطل والجور، أمرٌ يجب أن يُواجَه بحزمٍ، وأن يُكشَف زيفُ مدّعيه. فالصراع السياسي وتنافس النفوذ والسيطرة العسكرية في واقعنا أمرٌ قد نفهمه ونتعامل معه، رجاءَ أن تفرز الأيامُ واقعًا جديدًا يظهر فيه الحق ويبطل فيه الباطل؛ أمّا أن تُحشَر الشريعة وكلياتها ومقاصدها في هذه الخصومات الدنيوية، فذلك أمرٌ مدانٌ ومرفوض، وواجبٌ على الجميع التصدّي له حمايةً لنقاء الشريعة من عبث الأهواء والتعصّبات والافتراء على الله ورسوله بغير حق.
وعلى الحضارمة اليوم، أهل الحضارة والنجدة والعزة، أن يجتمعوا ويرصّوا الصفوف للدفاع عن حضرموت من هذه الهجمة الشرسة، التي لم تكتفِ باستقدام آلة الحرب والدمار، بل أرادت أيضًا أن تجعل الإسلامَ وأحكامَ الشريعة المطهّرة جسرًا لتمرير الباطل وتزويق الظلم. وعلى العلماء والدعاة والفقهاء أن يبيّنوا للناس أن حشر الإسلام في مثل هذه القضايا، وبهذا الأسلوب الملتوِي، ليس من الدين في شيء، بل إن الدين منه بريءٌ براءة الذئب من دم يوسف.
اللهم قد بلّغنا… اللهم فاشهد.
*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*






