حقوق حضرموت تُصان بالحوار لا بتشكيل قوى موازية خارج مؤسسات الدولة
بقلم / د. فائز سعيد المنصوري
الجمعة 28 نوفمبر 2025
شهد اللقاء الأخير لقيادة حلف قبائل حضرموت طرحاً يدعو أفراد النخبة الحضرمية ـ وهي قوة نظامية تُمثِّل مؤسسات الدولة ـ إلى ترك مواقعهم والانضمام إلى تشكيلات غير رسمية بحجة حماية حقوق حضرموت. وتمثل هذه الدعوة خروجاً على مبدأ الدولة التي تُناط بها مسؤولية حفظ الأمن وصون المجتمع، كما تُحدث خللاً في توازن السلطات الذي جاء الإسلام ليحفظه عبر ترسيخ الطاعة بالمعروف واجتناب أسباب الفتنة.
إن النخبة الحضرمية ليست بعيدة عن مجتمعها، بل هي جزء أصيل من نسيجه، تؤدي واجبها في حفظ الأمن وخدمة المواطنين. ومن غير المنصف تصويرها وكأنها تقف ضد أبناء حضرموت؛ فمثل هذا الطرح لا يعكس الواقع، بل يسهم في تعميق الانقسام الداخلي ويفتح الباب أمام الفوضى. ويُثار هنا سؤال مهم: هل أُنشئ حلف قبائل حضرموت لتمزيق النسيج الاجتماعي وإشاعة الفوضى، أم لحماية المصالح العامة وتعزيز الاستقرار؟
وعلى المستوى القبلي، قامت قيم القبيلة الحضرمية ـ بل والقبيلة العربية الأصيلة عموماً ـ على الحكمة والرشد في التعامل مع الأحداث، وعلى حفظ السلم الاجتماعي، لا على تأجيج الفوضى أو تشجيع الخروج المسلح على الدولة. فقد عُرفت قبائل حضرموت عبر التاريخ بأنها عنصر استقرار يقدّم المصلحة العامة على النزاعات الضيقة، تجسيداً لقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.
لذلك، فإن أي مواقف قد تؤدي إلى تفكيك الجبهة الداخلية أو إضعاف مؤسسات الدولة يجب أن يرفضها أبناء حضرموت الأحرار، وعلى العلماء ورموز القبائل معالجة هذه المواقف بما ينسجم مع الشرع والعقل ونظم القبيلة العربية الأصيلة، حفاظاً على “سفينة حضرموت” من التصدع.
كما أن الوقوف مع الدولة ـ ما دامت قائمة على العدل وخدمة المجتمع ـ واجب شرعي وقيمي، امتثالاً لقول النبي ﷺ: «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يخذله»، ومنعاً لأي دعوات قد تجرّ المجتمع الحضرمي إلى صراع داخلي يرفضه الشرع والعقل والعرف.
إن حماية حقوق حضرموت لا تتحقق بالخروج على مؤسسات الدولة أو بإنشاء قوى موازية لها، بل عبر تعزيز الحوار، واحترام المؤسسات، وتوحيد الصف الحضرمي، ودعم كل مسعى يحفظ تماسك المجتمع بعيداً عن الفتن التي يُراد إدخال حضرموت فيها تحت شعار حماية حقوقها.
وبذلك نحفظ إرث القبيلة الحضرمية، ونمتثل لأحكام الشريعة الإسلامية، ونصون حضرموت من كل ما يهدد أمنها واستقرارها.
حفظ الله حضرموت وأهلها من كل سوء، وجمع كلمتهم على الحق.






