ضد ألفت الدبعي.
بقلم / عبدالله سالم النهدي
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
يبدو هذا العنوان صادما وصريحا وجريئا، وقد يراه البعض وقحا أو خاليا من أدنى درجات الكياسة السياسية، غير أن المرحلة التي نمر بها لم تعد تحتمل المجاملات أو التغاضي أو استخدام لغة ناعمة تغطي على الحقائق. فالظروف الحرجة تستدعي خطابا واضحا ومباشرا يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار. وبعيدا عن توظيف شعارات حقوق المرأة بطريقة مبتذلة أو استخدام فكرة تمكينها سياسيا كغطاء لإرضاء المؤسسات الدولية واستدرار تعاطفها—على نحو لا ينسجم مع أولويات البلد الراهنة ولا مع حاجاته الملحة—علينا أن نلتزم بخطاب واقعي ومسؤول يضع مصلحة الوطن والشعب قبل أي حسابات أخرى.
في ظل الوضع الذي آلت إليه البلد، وما وصلت إليه أوضاعها الاقتصادية من تدهور متسارع يرهق المواطن والدولة معا، يبرز اليوم بصيص أمل يتمثل في إمكانية إطلاق إصلاحات اقتصادية جادة قد تفتح نافذة للإنقاذ وإعادة التوازن. ومع تعاظم الحاجة إلى إدارة مالية حصيفة وقادرة على توجيه دفة الاقتصاد نحو التعافي، تزداد أهمية التدقيق في كل خطوة تتعلق بالاختيارات الحكومية، ولا سيما تلك المرتبطة بالحقائب الاقتصادية الحساسة.
وللتعقيدات الاقتصادية الراهنة وحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد، يبدو اختيار ألفت الدبعي لتولي وزارة المالية خطوة غير مناسبة، إن صحت الأخبار المتداولة إعلاميا بهذا الخصوص، ليس بالضرورة لاعتبارات شخصية، بل لغياب ما يكفي من المؤشرات على امتلاكها خبرة متينة في إدارة الملفات المالية الثقيلة التي تتطلبها المرحلة. إن هذا المنصب يحتاج إلى شخصية ذات خبرة تقنية واسعة ورؤية اقتصادية واضحة وقادرة على التعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية المعقدة. وفي ظل هذه الظروف غير المستقرة، قد يشكل هذا التعيين مخاطرة إضافية تزيد المشهد هشاشة بدل أن تسهم في تصحيحه، ما يجعل البحث عن شخصية أكثر تأهيلا واستعدادا لمتطلبات المنصب خيارا أكثر اتزانا.
وبناء على ماتقدم تصبح المطالبة بالإبقاء على الأستاذ سالم بن بريك في حقيبة المالية مطلبا منطقيا وضروريا، فهو المسؤول الذي راكم خبرة طويلة في إدارة هذا الملف الشائك، وبدأ منذ سنوات تنفيذ مسار إصلاحي ملموس ظهرت بوادر نجاحه رغم التحديات. واستمراره يعني المحافظة على نهج اقتصادي واضح، قائم على الانضباط المالي وترشيد النفقات وتعزيز الشفافية، وهو نهج يحتاج إلى وقت واستقرار حتى يكتمل ويؤتي ثماره بصورة أوسع. كما أن كفاءته وقدرته على التعامل مع الظروف الصعبة تجعل منه خيارا أكثر اتساقا مع المرحلة، وأكثر قدرة على حماية ما تحقق وقيادة ما تبقى من مسار التعافي الاقتصادي.
ونرى إن أي توجه لسحب حقيبة المالية من الأستاذ سالم بن بريك يجب أن يراعي حساسية المرحلة وأهمية استمرار النهج المالي المنضبط. وإذا كان لا بد من إسناد المنصب إلى شخصية أخرى، فمن الأولى ترشيح شخصية حضرمية ذات كفاءة عالية، ليس اعتمادا على أحكام مسبقة، بل استنادا إلى تاريخ طويل من الخبرات الإدارية والمالية التي قدمها أبناء حضرموت عبر العقود، وإلى سجل عملي أثبت قدرة العديد منهم على إدارة الملفات الاقتصادية بكفاءة ومسؤولية. فالمعيار يجب أن يبقى الخبرة والقدرة، مع الاستفادة من التجارب التاريخية الإيجابية التي رسخت حضور الكفاءات الحضرمية في هذا المجال.






