القضاء يعيد الاعتبار للمعلّم… والتنفيذ هو الامتحان الأصعب
( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : انس علي باحنان
17 نوفمبر 2025
إنَّ الحكم الذي أصدره فضيلة القاضي عبدالله بن أبوبكر بلفقية، رئيس محكمة غرب المكلا ـ حفظه الله تعالى ـ في القضية المنظورة بين نقابة معلمي وتربويّي ساحل حضرموت من جهة، والسلطة المحلية بالمحافظة ومكتب التربية والتعليم بساحل حضرموت من جهة أخرى، يُعَدُّ حكمًا مقبولًا بدرجة كبيرة، وإن كانت فترة تزمين تنفيذ نصوص بعض الأحكام قد طالت، فيما افتقر بعضها الآخر إلى التحديد الزمني. ومع ذلك، فإنها ـ ولعلّها للمرة الأولى ـ يقرّ فيها القضاء اعترافًا صريحًا بحقوق المعلّم المشروعة، ويقف إلى جانبه بجدية، منصفًا إيّاه فيما يدّعيه ويطالب به.
إنَّ إصدار الأحكام قد يبدو يسيرًا في كثير من الحالات، غير أن الصعب، بل الأشدّ وطأة، هو متابعة تنفيذ ما يصدر عن القاضي من بنود وأحكام. وهذا ما يضع على عاتق نقابة معلمي وتربويّي ساحل حضرموت ضرورة وضع خطة صارمة لمتابعة تنفيذ الحكم، بما يسدّ كل بابٍ للالتفاف عليه أو المماطلة في تطبيقه.
نعم… إن امتلاك المعلّم ونقابته صكًّا قضائيًّا يعترف بمظلوميته ويقضي لصالحه هو مكسب كبير، ولكن ثمرة هذا المكسب مرهونة بمتابعة حثيثة وجادّة، ليصبح الحكم نافذًا، ويُعاد للمعلّم حقه، فما ضاع حقٌّ وراءه مطالب.
وإنّ ما يثير الدهشة والاستغراب في هذا السياق هو الفارق الشاسع بين حكم محكمة سيئون وحكم محكمة غرب المكلا في القضية ذاتها؛ إذ إن نظرة سريعة تُظهر التباين الواضح بين الحكمين:
فبينما لم تعترف محكمة سيئون بمظلومية المعلّم، وأصدرت حكمها الجائر بمطالبته برفع الإضراب دون النظر إلى حقوقه المسلوبة، نجد أن محكمة غرب المكلا وقاضيها المبجَّل قد اعترفت بهذه المظلومية، بل وأصدرت أحكامًا مُنصفة لصالحه.
ولذلك، فإننا بحاجة ماسّة إلى مراجعة شاملة لمنهجية القضاء وأحكامه، ليعود حقًا الأداة العادلة لحفظ الحقوق، لا وسيلةً لشرعنة الظلم والجور.
ونحن ـ المعلمين ـ لسنا دعاة فتنة أو فوضى، ولم نتنصّل يومًا من الأمانة الوطنية التي حُمّلنا إيّاها. ولم يسرّنا يومًا أن تتعثر العملية التربوية والتعليمية، لأن أول من يكتوي بنار توقفها هم أبناؤنا وأبناء هذا الوطن. غير أن المعلّم وجد نفسه محاصرًا في معيشته، مُستهدَفًا في لقمة عيشه وكرامته، حتى لم يُترك له طريق سوى الإضراب كوسيلة احتجاج على هذا الوضع المأساوي.
وفي الختام، نقول لمحافظ حضرموت الأستاذ مبخوت بن ماضي:
إن أردتَ أن تكتسب المشروعية في قيادة المحافظة، فابذل جهدك في تنفيذ أحكام القضاء في قضية المعلّم. فها هي مؤسسات الدولة، ممثلة بالقضاء، تضعكم في دائرة الإدانة والاتهام، وأنتم ـ بصفتكم حَرَسَ القانون ـ أولى الناس بالخضوع لأحكامه واحترام سيادته.
أما رسالتنا لمكتب تربية ساحل حضرموت فنقول:
إن الفرصة ما تزال سانحة لحفظ ماء الوجه، والوقوف مع منتسبيكم من المعلمين، والدفاع عن كرامتهم، وذلك بالامتثال الفوري لما صدر عن القضاء من أحكام دون تأخير أو مماطلة.
المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع






