اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت بلا قات.. إرادة حياة ونهضة أمة

حضرموت بلا قات.. إرادة حياة ونهضة أمة

( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء

كتب : انس علي باحنان

4 نوفمبر 2025

ربما لم آتِ بجديدٍ في الحديث عن نبتة القات، لكثرة ما كُتب عنها، زراعةً وتسويقًا وأضرارًا، ولِما أُثير حولها من فتاوى شرعيةٍ بين محرِّمٍ ومبيح. غير أن الحديث عن القات في حضرموت يختلف تمامًا عن الحديث عنه في سائر اليمن، فبين الملفين فاصلٌ واسع، وفرقٌ بيِّن في المنشأ والواقع والمآل.

إن مشكلة القات في اليمن ــ ولا سيّما في شماله ــ تكمن في كون هذه النبتة تُزرع هناك وتُسوّق منذ زمنٍ بعيد، حتى غدت جزءًا من ثقافة المجتمع ووعيه الجمعي، يتعاطاها الصغير والكبير، والذكر والأنثى، على حدٍّ سواء، لا سيما في المناسبات الاجتماعية والعامة.

أمّا في حضرموت، فالأمر مختلفٌ كل الاختلاف. فالقات لم يكن معروفًا فيها قبل عام 1990م إلا في نطاقٍ محدودٍ لا يكاد يُذكر، ما يجعله نبتةً دخيلة وحديثة العهد بمجتمعٍ عُرف برزانته ووقاره وتمسّكه بقيم العمل والعلم والكرامة.
ثم إن هذه الشجرة لا تُزرع في حضرموت، بل تُجلب من خارجها، وغالبًا من شمال البلاد. كما أن متعاطيها من الحضارم قلةٌ إذا ما قُورِنوا بغيرهم، بل إن المجتمع الحضرمي كان إلى وقتٍ قريبٍ ينظر إلى متعاطي القات نظرة ازدراءٍ وريبة؛ فيُعدُّ عندهم قليل المروءة، ضعيف الإرادة، مختلّ السلوك، وربما لا يُزوَّج إن خطب، لانحرافه عن سمت الرجال وأدبهم في نظرهم. غير أن هذه النظرة بدأت تخفت في بعض المناطق مع توسع دائرة المتعاطين، واستسلام الناس لواقعٍ مؤلمٍ ظنّوه شرًّا لا مفرّ منه.

وإذا كنا نسوق هذا الحديث للمقارنة بين وضع القات في حضرموت وشمال اليمن، فإنما لنخلص إلى حقيقةٍ واضحة:
أن القضاء على آفة القات في حضرموت ممكنٌ، بل أسهل بكثيرٍ من اقتلاعها في سائر اليمن.

نعم، إنها مصيبةٌ ابتُلي بها اليمنيون جميعًا، وامتدّت نارها إلى حضرموت، غير أن مكافحتها في حضرموت لا تزال ممكنة، فالتربة هنا ما زالت طاهرة، والوعي متيقظ، والإرادة الجمعية قابلة للاستنهاض. فإذا نجح الحضارم في محاربة القات ومنع انتشاره، فقد يقدّمون بذلك نموذجًا رائدًا ومفتاحًا لمكافحة هذه الآفة في بقية مناطق اليمن، أو على الأقل لتضييق بؤرها والحد من انتشارها.

إن شعار «حضرموت بلا قات» ليس حلمًا بعيد المنال، بل هدفٌ يمكن تحقيقه بالإرادة الصادقة، والتخطيط السليم، والتكاتف الشعبي والرسمي. فهو شعار يحمل بين طيّاته الأمل في مستقبلٍ أنقى وأنبل، وصرخةَ وعيٍ في وجه غفلةٍ طال أمدها.

لقد جرّ القات على بلادنا الويلات والمآسي، وأدخل أبناءها في دوامةٍ من الضياع والكسل والفقر، حتى لم يَسلم من ضرره بيتٌ واحد. فآن الأوان أن ينهض الحضارم نهضةَ رجلٍ واحدٍ لوضع حدٍّ لهذه النبتة، ومنع دخولها وتعاطيها في أرضهم .

،صحيح أن المهمة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة. فهي تحتاج إلى إرادةٍ قويةٍ وخططٍ مدروسةٍ تُنفّذ بتدرّجٍ وحكمةٍ على مراحل، تتضافر فيها الجهود الرسمية والشعبية والجماهيرية، حتى يصبح شعار الجميع حضرموت بدون قات.

*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*

إغلاق