القرار الذي أنصف الكلمة: حين تحوّل النداء الوطني إلى خطة إنقاذ رسمية
بقلم / محمد ناصر عجلان
كاتب وصحفي يمني مستقل
الاحد 2 نوفمبر 2025
لم تكن كلماتي في مقال «اليمن بين الأمل والواقع: طريق الإنقاذ يبدأ من توحيد القيادة واستعادة الاقتصاد» سوى محاولة مخلصة لإيقاظ الضمير الوطني من سباته، وتنبيه صانعي القرار إلى حقيقة يعرفها الجميع ويخافون قولها: أن لا دولة بدون اقتصاد موحّد، ولا اقتصاد بدون قيادة واحدة وسيادة مالية مركزية.
واليوم، بعد أسابيع فقط من نشر ذلك المقال، جاء قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لعام 2025 ليؤكد أن الصوت الوطني حين يكون صادقًا، يُسمع.
فالقرار لم يكن استجابة شكلية، بل خطة إصلاح شاملة تُعيد الاعتبار للدولة المركزية وتضع الاقتصاد اليمني على سكة الإنقاذ الحقيقي.
—
🔹 توحيد القرار المالي: من التوصية إلى التنفيذ
لقد طالبتُ صراحة في مقالي السابق بتوحيد القيادة الحكومية ومنح مؤسسات الدولة سلطة القرار المالي.
وجاء القرار الرئاسي ليحوّل هذه الرؤية إلى واقع، من خلال إلزام المحافظات كافة بتوريد إيراداتها إلى الحسابات المركزية في البنك المركزي اليمني، ومنع أي صرف أو استثناءات خارج القنوات الرسمية، مع حظر تدخل المحافظين في شؤون المنافذ الجمركية والمالية.
إنها خطوة تعيد للدولة هيبتها وللمؤسسات سيادتها على مواردها بعد سنوات من التشتت والانقسام.
—
🔹 الإصلاح الاقتصادي يبدأ من الميدان
القرار الرئاسي حمل روحًا تنفيذية واضحة، حيث نصّ على:
إلغاء الجبايات غير القانونية في مداخل المدن والمنافذ.
إغلاق منافذ التهريب وتفعيل اللجنة العليا لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي.
إلزام شركة النفط اليمنية بتوريد حصة الحكومة من المشتقات المنتجة محليًا إلى البنك المركزي.
توحيد أسعار الوقود ووضع خطة طوارئ لتعزيز الموارد المستدامة.
بهذا، لم يعد الحديث عن الإصلاح مجرد شعارات، بل تحوّل إلى برنامج اقتصادي ملزم يضع حداً لعقود من العبث المالي.
—
🔹 الشفافية والمساءلة… اختبار الجدية
كنت قد قلت سابقًا إن “الشفافية هي طريق المحاسبة”، واليوم أرى القرار الرئاسي يُترجم ذلك إلى إلزام قانوني لا مجرد نداء صحفي.
فقد أقر إخضاع اللجان التنفيذية لرقابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وفرض تقارير أسبوعية من رئيس الوزراء ووزير المالية حول التنفيذ، ومنح صلاحيات لمعاقبة المقصرين دون استثناء.
هكذا فقط يمكن أن يُعاد بناء الثقة بين المواطن والحكومة، على قاعدة وضوح الأرقام لا وعود الكلمات.
—
🔹 من المقال إلى القرار… من الكلمة إلى الفعل
إن صدور القرار رقم (11) ليس إنجازًا شخصيًا لكاتب مقال، بل انتصار للكلمة الوطنية الحرة التي تؤمن أن الصحافة يمكن أن تكون شريكًا في صناعة القرار لا مجرد شاهد على الفشل.
لقد أثبت مجلس القيادة الرئاسي أن الطريق إلى الإصلاح يبدأ من الاعتراف بالحقيقة والاستماع لصوت الشعب.
الآن، يبقى التحدي الأكبر في التنفيذ، فكل قرار بلا تطبيق هو مجرد حبر على ورق، وكل إصلاح لا يلمسه المواطن في راتبه وحياته اليومية، يبقى وعدًا ناقصًا.
—
🕊️ ختامًا:
ما حدث ليس سوى البداية.
إنقاذ اليمن ممكن، إذا بقيت القيادة موحّدة، والموارد تحت يد الدولة، والقرار الاقتصادي في خدمة الشعب لا الفئة.
لقد قلتها سابقًا وأكررها اليوم:
> “الوطن يُبنى بالصدق لا بالشعارات، وبالقرار لا بالتمني.”
والله من وراء القصد






