قضية المعلمين أمام القضاء… بين العدالة المنشودة والسيناريو المكرور
( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : انس علي باحنان
28 اكتوبر 2025
وقفتُ على بلاغٍ صحفيٍّ نُسب في مطلعه إلى مجموعة من لجان معلمي وتربويي وادي حضرموت، ثم خُتم بأنه صادر عن لجنة أنا معلم ولجنة المتعاقدين. وجاء فيه أن المحكمة ستنظر يوم السبت قضيةَ حقوق المعلمين.
وحول ذلك نُبدي ما يلي:
أولًا: لم نسمع عن تلك اللجان المذكورة، باستثناء لجنة أنا معلم، التي عُرفت لدى الأوساط التربوية بتكرار إعلان الإضرابات ثم رفعها سريعًا من غير تحقيق أي مطلبٍ حقيقيٍّ، مكتفيةً بتعطيل العملية التعليمية وإهدار المقررات الدراسية، في مشهدٍ مؤلمٍ يُرهق الطالب والمعلم معًا. وإننا نخشى أن يكون المشهد نفسه يعاد اليوم بذرائع واهية، كادعاء إحالة القضية إلى القضاء تمهيدًا لرفع الإضراب والتلاعب بقضية المعلم العادلة ، لذا وجب الحذر.
ثانيًا: إننا نجلّ القضاء حين يقيم العدل، ويحفظ الحقوق العامة والخاصة، ولكن التجربة السابقة في ساحل حضرموت كانت مؤلمة؛ فقد رُفِع الإضراب لا بعد إنصاف المعلم، بل بعد أن زاد الظلم عليه، حتى حُرم راتبه لأشهرٍ متتالية. فأيُّ عدلٍ هذا، وأيُّ قضاءٍ يُغفل كرامة المعلّم ويتعامل معه بهذا الاستهتار؟!
إننا نخشى اليوم أن يُراد كسر إرادة معلمي وادي حضرموت الذين صبروا وثبتوا على موقفهم حتى نيل حقوقهم المشروعة، عبر ذات السيناريو المكرور الذي يخدم سلطةً عجزت عن صون كرامة المعلّم والذود عن حقوقه.
لقد تجاوز الإضراب شهرين، وضاعت معه أيامٌ ثمينة من عمر أبنائنا وحقهم في التعليم، لا بسبب المعلم، بل لتقاعس السلطة المحلية، وصمت المجتمع، وتخاذل نقاباتٍ صوريةٍ تُحرَّك عن بُعد. واليوم يُراد من المعلم أن يرفع إضرابه دون تحقيق أيّ مطلب! بل يُراد أن يدفع هو وأبناؤه ثمنًا جديدًا لفشلٍ ليس لهم فيه يد. فأين الضمير؟ وأين الإنسانية ممن يمارس هذه الأساليب الدنيئة؟!
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فقد اطلعتُ على تقريرٍ أعدّه أحد الإخوة الأفاضل يوضح حجم الديون المتراكمة على الدولة لصالح المعلمين. وبيّن التقرير أن الدولة مدينةٌ لكل معلمٍ بنحو خمسة ملايين ريال، وهي مستحقات العلاوات والترقيات وغلاء المعيشة من عام 2011م إلى 2020م، دون احتساب الأعوام اللاحقة.
فالمعلم الذي كان ينبغي أن يُكرَّم ويُرفع شأنه، بات اليوم مديونًا، يستدين ليطعم أبناءه، فيما تُنفق الملايين على من لا صلة لهم بخدمة الوطن.
إننا نطالب القضاء أن يقول كلمته بالعدل، وأن يرفع هذا الظلم عن المعلم ويصدر حكمه بصرف كل مستحقات المعلم المادية والنقدية كاملة غير منقوصة ، فحينها فقط سنقول: لدينا قضاءٌ نزيهٌ يقيم العدل وينصف المظلوم. وإن غابت عدالة الأرض، فعدالةُ السماء لا تغيب.
*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*






