اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

زمن الزيف العظيم: حين يصنع الذكاء الاصطناعي الحقيقة الكاذبة

زمن الزيف العظيم: حين يصنع الذكاء الاصطناعي الحقيقة الكاذبة

( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء

كتب : علي زاكن باحنان

22 اكتوبر 2025

في زمنٍ كانت فيه الحقيقة تُروى بالألسن، وتُشهد عليها العيون، وتُوثّقها القلوب،
دخلنا اليوم عصرًا جديدًا تُصنع فيه الحقيقة في مصانع الأوهام الرقمية.
لم تَعُد الصورة دليلًا، ولا الصوت برهانًا، ولا الفيديو شاهدًا صادقًا
فقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقليد الوجوه والأصوات والمشاعر بدقةٍ مذهلة، حتى غدا الوهم عند كثيرٍ من الناس “واقعًا يُصدّق.

ما تكاد تُقلب اليوم عشرة مقاطع في الإنترنت، إلا وتجد ثلاثة — أو أكثر — من صنع الذكاء الاصطناعي!
تحصد ملايين المشاهدات، وتُثير الانبهار والجدل، وهي في حقيقتها وهمٌ لا أصل له، نسجته خوارزميات لا تعرف الصدق ولا الأمانة.

ومن لا يفقه هذه التقنية يظن أنه يشاهد حقائق ثابتة، فيبني على الزيف رأيًا، أو يُصدر حكمًا، أو يُشيع خبرًا، وهو لا يدري أنه أداةٌ في يد آلةٍ تتلاعب بعقله ووعيه.

ونحن لا نزال في بداية هذه التقنية، فكيف إذا تطورت أكثر، وأصبحت قادرة على تقليد كل شيءٍ حتى الأنفاس والنبرات والعواطف؟
هل سيصل بنا الحال أن نقلب مواقع التواصل فنجد تسعين في المئة مما يُعرض أمامنا كذبًا وزيفًا من إنتاج الذكاء الاصطناعي؟
صورٌ لا وجود لأصحابها، وفيديوهات لم تقع أحداثها، وما يُسمَّون اليوم “مؤثرين مواقع التواصل الاجتماعي ” ليسوا إلا أشخاصًا وهميين لا وجود لهم في الواقع!
فأي واقعٍ مظلمٍ سيكون هذا؟
وأي حياةٍ ستبقى حين يختلط الوهم بالصدق، والخيال بالحقيقة؟
كيف سيعيش الإنسان في عالمٍ يفقد فيه ثقته بكل ما يراه ويسمعه؟
وهنا يبرز السؤال الأخطر:
هل ستتدخل الدول والحكومات لضبط هذا الانفلات وحماية الوعي الاجتماعي؟
أم يفلت الزمام من أيديهم وتغدو الحقيقة سلعةً تُباع وتُشترى؟
إن الخطر لا يقف عند حدود مقطعٍ مزيف أو صورةٍ مُفبركة،
بل قد يمتد إلى زعزعة أمن دولةٍ كاملة، وتشويه دينٍ بأكمله، وهدم سمعة قبيلةٍ أو أسرةٍ أو حتى إنسانٍ بريء.

فلا تتسرّع في الحكم على شيءٍ تراه أو تسمعه، حتى تُمعن النظر، وتتحقق وتتيقن… مرارًا وتكرارًا.
فقد يكون ما تراه عيناك صناعة آلة لا علاقة لها بالواقع.

تثبّت قبل أن تُصدّق، وتأمّل قبل أن تُشارك، وراجع قبل أن تحكم.
فالكلمة اليوم قد تهدم نفسًا أو تظلم بريئًا بسبب مقطعٍ مزيفٍ أو صوتٍ مخترع.

*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*

إغلاق