حضرموت في مرآة ثلاثة محافظين… وجوهٌ تتغيّر وهمومٌ لا تتبدّل
( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : انس علي باحنان
19 اكتوبر 2025
تولّى ثلاثة محافظين زمام الأمور في حضرموت، وكان تولّيهم لمنصب المحافظ مثيراً للجدل. ولسنا هنا بصدد تقييمهم من جميع الزوايا أو من خلال مقالٍ صحفي تحليلي شامل، بل سنقف عند زاويةٍ واحدةٍ فقط، هي مدى خدمتهم لحضرموت خلال فترات تولّيهم لشؤونها، وما آلت إليه أحوال المحافظة في عهد كلٍّ منهم.
أولاً: اللواء أحمد بن بريك (أبو عصام)
في عهده، أخذ زمام حضرموت بحزمٍ وقوّة، وهو العسكري الذي صقلته التجارب والخبرة الميدانية، فجاء إدارته للمحافظة بطابعٍ عسكري صارم. وربما كانت تلك المرحلة تتطلّب مثل هذا النوع من الحزم، فدخل بقوة من هذا الباب، وشهدنا جميعاً كيف كانت الجرافات تجوب شوارع المكلا، تزيل البناء العشوائي، خصوصاً في الأحياء الحديثة كـ«ابن سينا» و«المساكن» و«الإنشاءات» وغيرها.
كان ذلك نموذجاً ناجحاً أعطى مؤشراً بأن المحافظ بن بريك كان يمارس صلاحياته في حضرموت لا كمحافظٍ فحسب، بل كـ«رئيس دولة» يأمر وينهى بحريةٍ وجرأةٍ وإقدام.
غير أن الحال لم يدم طويلاً؛ فقد كانت الانتكاسة متوقعة، إذ جُرّد من صلاحياته وأُبعد عن منصبه بعد أن ارتمى في أحضان المجلس الانتقالي، فنُصب له الفخ، وأصبح عزله أمراً سهلاً. وهكذا تحوّل من «حاكمٍ فعليٍ لحضرموت» إلى «تابعٍ لمكوّنٍ» ابتعدت أجندته عن تطلّعات الحضارم وهمومهم، ففقد كل شيء، ولا يزال.
ثانياً: اللواء فرج سالمين البحسني
أما سلفه، اللواء عمّنا فرج فلن نُطيل الحديث عن مرحلته، غير أنّ ما لا يختلف عليه اثنان أنّ فترته اتّسمت بالفساد المالي وتبديد موارد المحافظة. فقد ضاعت ملايين الريالات من إيراداتها، ومخصصات نفطها، وفوارق أسعار الديزل المدعوم. وأوضح مثالٍ على ذلك، ما خُصّص لجلب مولّداتٍ كهربائيةٍ للمحافظة، فلم يتحقّق منه شيء؛ لا المخصّص استُفيد منه، ولا المولّدات وُجدت. ولو فُتح تحقيقٌ شفافٌ في الموارد المهدَرة في عهده، لشاب الرأس من هول ما سيُكتشف.
ثالثاً: المحافظ مبخوت بن ماضي
أما ثالث المحافظين، المحافظ مبخوت بن ماضي، فلم تكن مرحلته بأفضل حالاً، إذ اتّسمت بالفشل الذريع في إدارة شؤون المحافظة. فكيف لمحافظٍ يعجز عن حلّ مشكلة التعليم، بعد أن توقّفت الدراسة للشهر الثاني في محافظةٍ نفطيةٍ غنية، يطالب معلموها بحقوقهم المشروعة والقانونية؟!
وإن كنّا لن نخوض في بقية الملفات كالكهرباء وغيرها، فالقائمة طويلة، ويكفينا الإشارة إلى أن المشهد العام في عهده لا يبعث على الأمل.
*تأملٌ في المشهد الحضرمي اليوم*
أفبعد كل هذا، ما زلنا نتحدّث في المشهد الحضرمي عن «أبي عصام» و«عمّنا فرج» و«مبخوت»، بل وحتى عن الأستاذ حسن باعوم – أطال الله في عمره – الذي بلغ من السن ما بلغ ما شاء الله تبارك الله؟!
ولا أدري، بعد هذا العمر، هل من الحكمة أن يُعهد إليه بالعمل السياسي والثوري كما كان في عنفوان شبابه؟ لسنا هنا نقلّل من مكانتهم أو نُجافي تقدير نضالهم اتفقنا معهم أو اختلفنا، ولكننا نتحدث بعين الواقع والحكمة.
*رؤية نحو المستقبل*
إنّ حضرموت اليوم بحاجةٍ إلى دماءٍ جديدة، وعقولٍ شابة، ورؤيةٍ متجدّدة، قادرةٍ على حمل همّها والسير بها نحو المستقبل.
مع كامل الاحترام والتقدير لكلّ من ذُكر، فإنّ الوقت قد حان لأن يترجّلوا، وأن يفسحوا المجال لجيلٍ جديدٍ من أبناء حضرموت المخلصين الذين يحملون فكر الدولة، وروح البناء، وعزيمة النهوض.
فلكلّ زمنٍ دولةٌ ورجال، ونسأل الله أن يوفّق الجميع لما فيه الخير والصلاح لحضرموت وأهلها الكرام.
*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*






