اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

الواجب شرف.. والكمال لله وحده

الواجب شرف.. والكمال لله وحده

كتب / رمزي الجابري
الاربعاء 24 سبتمبر 2025

على كل إنسان أن يتذكر أن ما يقدمه لوطنه وأهله واجب لا فضل فيه، وأن الكمال لله وحده. فمهما اجتهد فلن يكتمل العمل إلا بتكامل الجهود وتكاتف الجميع.
ومن الخطأ أن يغتر المرء بنفس أو يظن أن مصلحة البلاد متوقفة على جهده وحده، فالأوطان لا يبنيها شخص بمفرده، بل تبنيها سواعد كثيرة، كلٌ منها يضع بصمته ويكمل الآخر.
ومن كان جهده لنفسه فقط، ومصلحته الشخصية فوق كل شيء، فالأفضل أن يصرّح بذلك بوضوح، بدلاً من أن يخذل الناس بوعود كاذبة أو شعارات زائفة. فالوطن لا يحتمل المجاملات، ولا ينتظر من يلبس ثوب المصلحة العامة وهو يسعى وراء مصلحته الخاصة.

كل ما يقدمه الإنسان من جهد وعمل في خدمة أهله ووطنه، هو في الأساس واجب عليه، وليس منّة أو فضلًا يتباهى به. فالوطن لا يُبنى بالشعارات، بل بتضحيات الرجال وإخلاصهم في ميادين العمل كلٌ بحسب استطاعته.
ومهما بلغ عطاؤه فلن يصل إلى الكمال، لأن الكمال لله سبحانه وتعالى وحده، وما الإنسان إلا عبدٌ يسعى ويجتهد، يُصيب مرة ويُخطئ أخرى. غير أن قيمة المرء الحقيقية تُقاس بمدى إخلاصه وصدق نيته، لا بحجم ما حصد من ثناء أو مديح.
وفي مجتمع متكامل، لا يمكن لشخص أن يقوم بكل الأدوار وحده، بل لا بد أن يترك المجال لغيره ليكمل المسيرة. فالتكامل بين الناس هو سر النجاح، والتعاون هو مفتاح النهضة. فكل فرد يضع لبنة في هذا الصرح العظيم اسمه “الوطن”، حتى يعلو شامخًا بجهود الجميع.
إن الواجب ليس خيارًا، بل مسؤولية وأمانة، والإنجاز شرف مهما كان صغيرًا، والترك للآخرين فرصة مشاركة هو منتهى الوعي والعدل. فليعمل كلٌ منا بما يستطيع، وليعلم أن القيمة في الإخلاص، وأن التاريخ لا يخلد إلا من خدم وطنه بصدق.
التاريخ يعلمنا أن من ظن نفسه وحده صانع الإنجازات سرعان ما يزول أثره، أما من عمل بروح الفريق، وترك المجال لغيره، وسعى لتمكين الآخرين، فقد خلد اسمه في ذاكرة الوطن.
فليكن عطاؤنا تكامليًا، لا استعراضيًا.. ولنعمل بإخلاص بعيدًا عن الغرور، حتى يبقى الوطن فوق الجميع وبجهود الجميع.
وآخر ما نحب أن نوجه رينا فيه
من يتصدّر عملًا أو يتحمل مسؤولية، عليه أن يكون عند حسن الظن، وأن يُكمل ما بدأ، لا أن يترك الأمور معلّقة ويخذل الناس بثقة وضعوها فيه. وإن لم يكن قادرًا منذ البداية، فالأجدر أن لا يدخل في الأمر أصلًا، لأن الدخول ثم التراجع أشد قسوة من عدم البدء.
المسؤولية أمانة، والوعود التزام، والناس لا تحتاج إلى من يبيعها أحلامًا، بل إلى من يضع حجرًا على حجر ويبني شيئًا يُرى ويُلمس. فالوطن لا يرتقي بالظهور والهنجمه ، بل بالعمل الصادق الذي يثمر واقعًا حيًا أمام أعين الجميع.
من عجز عن أمر فليقل بوضوح: “عجزت”. فليس في الاعتراف بالقصور عيب ولا انتقاص، بل فيه قمة الشجاعة والصدق مع النفس ومع الناس. فالتاريخ لا يخلد من تظاهر بالكمال، بل من اعترف بحدوده وعمل بجهده، ثم وضع يده في يد أخيه ليكمل معه الطريق.

الوطن لا يحتاج إلى من يزيف الواقع أو يتستر على العجز، بل يحتاج إلى من يملك الجرأة على الاعتراف والتعاون، لأن الاعتراف بالخطأ بداية الإصلاح، والتكامل بين الإخوة أساس النجاح.

إغلاق