اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

بين فرحة اللحظة وتحديات الغد..!

بين فرحة اللحظة وتحديات الغد..!

( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : محمد مبروك الشنيني
15 اغسطس 2025

  لاشك أن التحسن المفاجئ في قيمة صرف الريال اليمني قد بعث بالارتياح على وجوه الناس ، وفتح نافذة أمل في جدار المعاناة الممتد لسنوات طويلة، ولكن هذه النافذة قد تغلق بسرعة إن لم تتحول إلى بوابة عبور نحو اصلاحات اقتصادية شاملة تضمن للمواطن أن لا يعيش على أمل عابر ،بل على واقع مستقر ومستدام.
لكن ، يجب أن ندرك أن  الحمى لا تنطفئ بشرب الماء ، صحيح قد يمنحك شرب الماء بعض الارتياح المؤقت ، لكنه لا يطفئ أصل الداء، وهكذا حال الاقتصاد اليمني الذي تكالبت عليه ازمات وعلل متعددة ، لا يمكن علاجه برشفة ماء، أو بناء استقراره على تحركات سطحية عابرة، فالاقتصاد لا يثبت أركانه بالصدفة أو بالاماني الطائرة ، ولايزدهر بالوعود الصابونية التي تذوب مع أول امتحان ،إنه شجرة لاتثمر إلا إذا زرعت في تربة التخطيط الاستراتيجي وسقيت بإرادة سياسية رشيدة  وأحيطت بسياج من الكفاءة والنزاهة.
المعركة اليوم ليست بين أرقام في سوق الصرف ، بل بين مشروع استقرار حقيقي ، وبين قوى العبث التي تتغذى على الازمات ، المطلوب اليوم من الجهات المعنية إلا تكتفي بحصاد الثناء. بل أن تترجم هذه اللحظة إلى نقطة انطلاق دائمة نحو استقرار مستدام، فاللحظة الجميلة لا تتحول إلى مسار دائم إلا اذا تزودت بدعائم متينة، ومن لا يحصن مكاسبه ، كمن يبني قصراً في مجرى السيل ، مهما علاء سيجرفه الماء في أول فيضان.
إن الطريق نحو استدامة التحسن لا يمر عبر الإجراءات المؤقتة ، بل عبر منظومة متكاملة تُشرك كل مؤسسات الدولة في هدف واحد وصياغة رؤية اقتصادية واقعية ، تستند إلى الانتاج المحلي ، وإلى تنويع مصادر الدخل لا الارتهان لعون الخارج ، وإلى تمكين الكفاءات الوطنية القادرة على اجتراح حلول مبتكرة تحول التحديات إلى فرص.
فالفرحة اليوم جميلة ، لكن الأجمل أن نزرع ما يجعلها عادة لا استثناء ، واستحقاقاً لا مفاجأة ، ومصدر طمأنينة لا مصدر قلق، اقتصاد يبني على التخطيط لا على الحظ ، وعلى الكفاءة لا على رافعة الانتماءات الحزبية ، وعلى إرادة وطنية تعرف أن الإنجاز الحقيقي لا يقاس بمدى السرعة في الصعود ، بل بالقدرة على البقاء  والاستمرار.    
واخيراً:
فإن تحسن العملة وإن كان باعثاً على الامل ، فإنه يظل خطوة أولى في مسار طويل وشاق يحتاج إلى رؤية واضحة وعمل دؤوب، وحده التخطيط الاستراتيجي وتكاتف الجهود و استثمار الطاقات البشرية في مواقعها الصحيحة في صنع القرار. كفيل بتحويل هذا البصيص من الأمل إلى واقع اقتصادي متين ، الاوطان لا تبني على لحظات النشوة العابرة  ولا الاماني الطائرة، بل على اسس راسخة  وصلبة تضمن استقرارها وازدهارها في الحاضر والمستقبل.

*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*

إغلاق