اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

إتقوا الله يا لصوص اليمن

إتقوا الله يا لصوص اليمن

بقلم / عبود الحربي
الاربعاء 13 اغسطس 2025

يبدوا أن اللصوص في اليمن تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في عالم التلصص والسرقات وتنكروا لوصية كبير اللصوص في العصر العباسي أدهم بن عسقلة، الذي أوصى بها اتباعه من بعده، حيث قال في وصيته الشهيرة “لا تسرقوا امرأة ولا جارا ولا نبيلا ولا فقيرا، واذا سرقتم بيتا فاسرقوا نصفه واتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله ولا تكونوا مع الأنذال”، ولكن اللصوص من بعده، وخصوصا لصوص وسراق اليمن بجميع مستوياتهم الإجتماعية خانوا وصيته، وسرقوا كل شيء من حياة الأخرين، ولم يبقوا شيئا للفقراء والمساكين ليعتاشوا عليه بلا رحمة ولا شفقة ولا حياء من الناس ولا خوف من الله، وينطبق عليهم قوله تعالى: {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} أي أنهم يمارسون الظلم والبطش وأخذ أموال الناس بالباطل، وهم بذلك يسيرون على خطى اسلافهم الظالمين، من قوم عاد ألذين ارسل الله إليهم هود عليه السلام، الذي دعاهم للتوحيد وحذرهم من الشرك، ولكنهم كذبوه وإزدادوا في ظلمهم وطغيانهم وفسادهم حتى غضب الله عليهم وأهلكهم بالعواصف الشديدة والريح العقيم، قال تعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} الحاقة آية 6-7،
المشكلة أن اللصوصية أصبحت ظاهرة يتفاخر بها أصحابها بلا خجل ولا حياء، والمشكلة الكبرى أن المنتسبون إليها لم يعودوا أؤلئك اللصوص والسراق المعرفون في المخيلة الشعبية، أنهم قطاع الطرق الملثمون، ألذين ينهبون الناس في الأماكن الخالية والبعيدة عن السكان، أو النشالون ألذين يسرقون الأموال وما خفى وزنه وغلا ثمنه خفية من جيوب الناس في الأسواق، أو يتسللون سرا إلى البيوت والمحلات التجارية ويسرقونها سرا، ولكن تعدى ذلك إلى ظهور لصوص من العيار الثقيل يسرقون جهارا نهارا وبكل ثقة، وهؤلاء ينطبق عليهم المثل اليمني الشهير “سارق مبهرر “، وهذا النوع من اللصوص قليلي الدين والعقل والحياء لم يعرفوا عبر التأريخ إلا في عصرنا الحاضر، فتجد البعض منهم يتربعون في أعلى المناصب القيادية والإدارية وتجدهم باطنية يظهرون عكس مايبطنون، خبثاء يتحدثون عن الدين والوطن والقبيلة، وهم أول من يتاجر بهذه المعاني والقيم والمبادئ النبيلة، وبسببهم نكب الوطن والمواطن وفقد الأمن والأمان والإستقرار،
ولذلك فإن أكثر ما يميز لصوص اليمن في عصرنا الحاضر عن غيرهم من اسلافهم اللصوص في الماضي أنهم قوم لئام لا أخلاق لهم ولا مرؤة، فتجدهم يسرقون الفقراء والمساكين ألذين لاحول لهم ولا قوة، ثم يذهبون لإستثمارها في الخارج، وهذه ليست من أخلاق اللصوص في الماضي، ألذين كانوا يسرقون الأغنياء من أجل إطعام الفقراء، ولعل عروة بن الورد العبسي أشهر أؤلئك اللصوص الشرفاء، ومما يروى أنه كان من الشعراء الصعاليك، وكان يقوم بالإغارة على القبائل الغنية والقوافل التجارية، ويسلب أموالهم ثم يقوم بتوزيعها على الفقراء والمساكين والمرضى من قبيلته، وتذكر المصادر التأريخية أنه كان كريما سخيا ذو همة عالية رغم أنه لص ولكن بشرف..!

الفرق بين اللصوص في اليمن أن هناك لصوص ضعاف تطاردهم الأجهزة الأمنية، وهؤلاء ليس لهم ظهر ولا سند يحميهم ويدافع عنهم ويخرجهم من التهمة كما تخرج الشعرة من العجين، ولصوص أقوياء يسرقون في وضح النهار، وتحرسهم الأطقم المدججة بجميع انواع الأسلحة الفتاكة، وهؤلاء هبارون يهبرون الأموال والحقوق ولا يبالون فهم فهم بعض المسؤولون السياسيون والقادة العسكريون وكبار الفجار من التجار، وهؤلاء وغيرهم من اللصوص والسراق انواع وأشكال ومقامات، بعضهم يسرق تحت مسمى الثورات ومكافحة الفساد، وبعضهم تحت مسمى الدفاع عن الدين والوطن، وبعضهم تحت مسمى الأعمال الخيرية والإغاثية والتبرعات الإنسانية، وغيرهم الكثير والكثير جدا ممن أبلاهم الله بالحرام، قال تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ألذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا،} وقال صل الله عليه وسلم: [ ليأتين على الناس زمان لا يبالون المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام ] رواه البخاري،.

فيالصوص اليمن اتقوا الله، واعلموا أن الحرام يذهب ويذهب صاحبه معه، وتذكروا أن المال الحرام من أسباب عدم قبول الدعاء والأعمال الصالحة ومما يمحق البركة ويغضب الله، وكذلك الهلاك واللعن والطرد من رحمة الله والعذاب في القبر ودخول جهنم، وتذكروا ايضاً أن بناء الأوطان لا يكون أبداً بالشعارات والمزايدات والكذب والخداع والفهلوة، فكونوا رجالاً صالحين، فإن لم تستطيعوا وابيتم إلا أن تكونوا لصوص وسُراق فخذوا بوصية كبيركم أدهم بن عسقلة، ولا تسرقوا الضعفاء والفقراء والمساكين والجيران والنبلاء، ولا تكونوا من الأنذال فلا تحترموا من أحد من أبناء اليمن الشرفاء، وغيرهم من العرب والعجم والأشقاء، وتسيئون إلى تأريخ اجدادكم اللصوص ألذين كانوا يسرقون، ولكن بشرف وأخلاق، ولذلك يحكي شيخ اللصوص أبو عثمان الخياط فيقول عن نفسه :” ما سرقت جارا قطُّ ولو كان عدوا، ولا سرقت كريما وأنا أعرفه، ولا خنت مَن خانني. ولا كافأت غدرا بغدر”؛

إغلاق