ماذا بعد فرحة تحَسن العملة ؟!

( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : محمد مبروك الشنيني
3 اغسطس 2025

  بعد شهور من الانهيار الحاد وغياب الأمل ، استيقظ  المواطنون في مختلف المدن على خبر مفرح تحسَن ملموس في صرف العملة الوطنية (الريال اليمني) أمام العملات الأجنبية .
اسعار السلع بدأت تتراجع ، والناس شعروا أن قبضة الغلاء بدأت تخف قليلاً ، وكأن غيمة سوداء بدأت تنقشع عن سماء حياتهم.
الفرحة كانت صادقة ، لم تكن مبالغاً فيها ، ولم تخرج عن حدود الواقع ، بل جاءت نتيجة شعور حقيقي بتحسّن ملموس، فرحة تعبر عن شعب صبر كثيراً، وتحمل أوجاع ارتفاع الاسعار الجائرة ، وتجرع مرارة الفقر والمعيشة الصعبة.
لكن ما إن هدأت الفرحة ، حتى بدأ السؤال هل هذا التحسن مؤقت ؟ أم بداية طريق الاستقرار الحقيقي؟
الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي مشكورة ، وقد ساهمت في تحريك المياه الراكدة وإعادة بعض التوازن المالي ، ولكن يبقى التحدي الأكبر وهو ضمان استدامة هذه النتائج، وبناء سياسة نقدية متماسكة تمنع العودة إلى الانهيار.
لا نريد أن يكون هذا التحسن ” سحابة صيف ” تمر سريعاً ، وتعيدنا إلى مربع الأزمة ، بل نطمح إلى أن يكون خطوة أولى في سلسلة إجراءات  طويلة ومدروسة تنعكس على حياة الناس، وتحفز الاستثمار وتدعم الاقتصاد الوطني في عمقه لا في مظهرة فقط.
الناس لا يطلبون المستحيل ، هم فقط يريدون العيش بكرامة ، يريدون خدمات متوفرة و عملة مستقرة ، وسلع بأسعار معقولة، ووضع معيشي لا يتقلب مع كل شائعة أو ازمة.
المطلوب الآن وضع سياسات عمليه وموضوعيه مرنه ، يمكن تطبيقها ومتابعتها بالقياس والمراقبة، لن تحل أزمة الاقتصاد الكبرى بالمجهودات والاجتهادات السطحية والاجراءات الكسولة ما لم تتكامل كل أجهزة الدولة وفق رؤية كلية وبرامج تفصيلية متفق عليها ، تتقدم فيها عمل المؤسسات على اجتهاد الافراد . لن ينصلح الحال اذا لم تكون هناك رؤية واضحة ، وخطة مدروسة بعناية ‘ وإرادة قوية لتنفيذ التغييرات الضرورية بدون هذه العناصر ، تبقى الحلول مجرد محاولات سطحية ستقود الوضع الراهن من سيّءِ إلى اسوأ
فالفرح الذي  لايتبعه إصلاح ..يتحول إلى خيبة ، وما نرجوه  اليوم هو أن تكون هذه الفرحة بوابة عبور ،لا وهماً جديداً يضاف إلى قائمة الآمال المجهضة.

*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*