اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

مقارنة بين مآسي الماضي والحاضر: حضرموت واليمن بين الاحتلال البريطاني والبند السابع

بقلم / م . لطفي بن سعدون الصيعري.
الاثنين 28 يوليو 2025

أثارت مقالة الإعلامي الحضرمي البارز علوي بن سميط، المنشورة في “تاربة اليوم” بتاريخ 27 يوليو 2025، تساؤلات عميقة حول مدى تدهور القيم الإنسانية ودور الرأي العام والنخب السياسية عبر الزمن.
ويتضح ذلك من خلال المقارنة ، بين فترة قصف الطائرات البريطانية للقبائل الحضرمية ، في ثلاثينات القرن الماضي، والوضع الراهن في حضرموت واليمن تحت إشراف الرباعية (أمريكا، بريطانيا، السعودية، والإمارات) بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
قصف حضرموت في الثلاثينات: رفض للهمجية وتفعيل للرأي العام .
يكشف بن سميط أن الفترة ما بين 1936 و1938 شهدت قصفاً جوياً بريطانياً لبعض القبائل الحضرمية، مثل آل الجابري والصيعر وال بن عبدات، بهدف إجبارهم على الدخول في معاهدات الصلح العام التي تبناها المستشار البريطاني إنجرامز. و على الرغم من أهمية هذه المعاهدات لإحلال السلام ووضع حد للثارات في حضرموت، إلا أن استخدام العنف المفرط قوبل برفض واسع النطاق من الرأي العام والمعارضة البريطانية.
لقد تحركت الأصوات المناهضة للعنف من دوافع إنسانية بحتة، مؤكدة أن شعوب المستعمرات، رغم كونها محتلة من بريطانيا، تتمتع بحقوق إنسانية يجب مراعاتها ، وأن القانون البريطاني يرفض تجاوزها. هذا التحرك أثار نقاشات في مجلس العموم البريطاني ، ودفعت بالمندوب السامي ووالي عدن إلى رفع تقارير ، لتبرير الهجمات وتخفيف حدتها، مما يشير إلى وجود رأي عام مؤثر قادر على الضغط على الحكومات.
المأساة الحالية تحت البند السابع: غياب الرأي العام وتدهور الأوضاع .
على النقيض من ذلك، نرى أن التاريخ يعيد هذه المأساة بشكل أقسى وأمر في ظل الوضع الراهن في حضرموت وبقية بلادنا ، تحت إشراف الرباعية و بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فالبلاد تعاني من مجاعة متفاقمة، وتدهور مستمر في العملة، وانعدام الخدمات الأساسية، وانتشار الفساد، وتعيين قيادات صورية.
وإن هذه الظروف المعيشية القاسية تفوق في حدتها المعاناة تحت الاحتلال البريطاني في جوانب عديدة.
و السؤال المطروح بإلحاح هو،،، لماذا لا يتحرك الرأي العام في بلدان الرباعية لإنصاف حضرموت واليمن من هذه المعاناة، بالرغم من أن القانون الدولي يكفل حقوق الشعوب تحت البند السابع ، بشكل يفترض أن يكون أفضل من حقوقهم تحت الاحتلال؟ الإجابة تكمن في ضعف الوعي الإعلامي الإقليمي والدولي بالقضية، وغياب الرواية الموحدة للمأساة، وربما تشتت الجهود الإنسانية والمدنية وأسباب اخرى .
ولهذا فتثوير الرأي العام والمعارضة والنخب المدنية للضغط الإنساني ، لمواجهة هذا الواقع المرير، في بلدان الرباعية يصبح أمراً حتمياً. و يتطلب ذلك مقاربة متعددة الأوجه من حيث :
●توثيق المأساة ونشرها: يجب توثيق المعاناة الإنسانية في حضرموت واليمن بشكل منهجي، مع التركيز على قصص الأفراد وتأثير المجاعة وتدهور الخدمات على حياتهم اليومية. هذه المعلومات يجب أن تُنشر عبر جميع المنصات الإعلامية المتاحة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، والمنظمات الإعلامية الدولية، والتقارير الحقوقية.
●الاستفادة من السوابق التاريخية: يمكن للمقالات التحليلية، على غرار مقالة بن سميط، أن تسلط الضوء على التناقض بين استجابة الرأي العام البريطاني في الماضي تجاه قصف القبائل، وصمته النسبي الآن تجاه مأساة أوسع نطاقاً. هذا يمكن أن يشكل دافعاً أخلاقياً للتحرك.
● الضغط القانوني والحقوقي: يجب تفعيل المنظمات الحقوقية والدولية لرفع الصوت عالياً حول انتهاكات حقوق الإنسان في حضرموت واليمن ، وتذكير دول الرباعية بالتزاماتها بموجب القانون الدولي والبند السابع، والذي يهدف إلى حماية المدنيين لا تجويعهم.
● الفعاليات المدنية والدبلوماسية الشعبية: تنظيم الوقفات الاحتجاجية، الحملات التوعوية، وورش العمل في بلدان الرباعية يمكن أن يسهم في بناء قاعدة دعم شعبية، ودفع البرلمانيين والسياسيين إلى تبني القضية.
●توحيد الخطاب الإعلامي: يجب على الفاعلين الناشطبن في كل بلادنا ، في الداخل والخارج، توحيد خطابهم الإعلامي حول الأزمة، وتقديم رواية واضحة وموحدة حول حجم المعاناة ومسؤولية الأطراف المعنية.
إن المقارنة بين الماضي والحاضر ليست مجرد ترف فكري، بل هي دعوة للعمل. فالذاكرة التاريخية تعلمنا أن الرأي العام، متى ما تحرك بدوافع إنسانية، يمتلك قوة هائلة للتأثير على القرارات السياسية، حتى في أروقة الحكومات. والمأساة الحالية في حضرموت واليمن تستدعي اليوم أكثر من أي وقت مضى تفعيل هذه القوة لإحقاق الحقوق التي كفلها القانون الدولي لشعوبنا.

إغلاق