اخبار وتقارير – صوت الإرادة الشعبية من ساحة الاعتصام المفتوح ينادي الرئيس الزبيدي : أعلنها دولة
تاربة اليوم
2025-12-19 23:33:00
في مسيرة الشعوب نحو حريتها ومستقبلها، تبرز لحظاتٌ مصيريةٌ تختزل روح هويتها، وتجسد إرادتها في فضاءات عامة تتحول إلى منابر للتاريخ الناطق بعدالة القضايا المصيرية، وأهمها الحرية والهوية والاستقلال. فالشعوب التي ترتقي بأساليب نضالها لتجعل منها فلسفةً حضاريةً، قوامها الوعي المدني والثوابت الوطنية والمظاهر السلمية، لا تخلد إلى اليأس عندما تُغلَق الأبواب، بل تنتقل بعزيمتها من الاعتصام السلمي إلى المشاعل الثورية؛ حيث يصبح الكفاحُ لغةَ الحوار الأخيرة بعد استنفاد كل حرفٍ في قاموس المفاوضات الحضارية.
🔎 قراءة أعمق للخبر
يمثل هذا الحدث نموذجًا للتحولات المتسارعة في طريقة تداول المعلومات، وتأثيرها المباشر على وعي القارئ.
وها هو اليوم شعب الجنوب العربي، الذي ظلَّ لأكثر من 35 عامًا تحت وطأة احتلالٍ شماليٍّ، هو الأسوأ في الأعراف الدولية والإقليمية ومخالفٍ لقيم العرب الأصيلة، يكتب فصلًا جديدًا من فصول هذا النضال الحضاري، يرسم بإرادته صورةً نادرةً تتجلى في مسارين:
· مسارٍ تمثل في اعتصامٍ مفتوحٍ لا يُعلِن انطلاقته فحسب، بل يُعلِن تصميمه على البقاء حتى يصل صوته إلى أسماع المجتمعين الإقليمي والدولي.
· ومسارٍ يمثل صرخةً مدويةً تذكِّر المجتمعين الدولي والإقليمي أن حقوق الشعوب السياسية، خاصة في قضاياها المصيرية العادلة، ليست سلعةً للمساومة، ولا يمكن طمسها لإرضاء نزوات قوى أعلنت الحرب على الجنوب مرارًا، وحوَّلت مدنه إلى ركام، ومؤسساته إلى حطام، وعملت بمنهجيةٍ واضحةٍ على طمس هويته، وإقصاء أبنائه، وتهميش كوادره، ونهب ثرواته، وتسريح قياداته. وبمنطقها الاحتلالي، حوَّلت هذه القوى الشمالية جنوبنا العربي إلى ساحةٍ لتسوية حساباتها، وجعلت من أرضه ميدانًا لمعاركها الجانبية.
لكن القدر، بإرادته العليا، وفَّق هذا الشعب الصامد إلى قيادةٍ حكيمةٍ وإرادةٍ عظيمة، تملك من العزيمة ما يعادل قوة الجماهير في الساحات وصوت المدافع في الجبهات. ومن رحم هذه الإرادة الشعبية وُلد المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة القائد عيدروس قاسم الزبيدي، الذي أجمعت الجماهير الغفيرة على تفويضه تفويضًا شعبيًا خالصًا، انبثق من عمق الميادين واتسق مع إرادة الأحزاب والقطاعات النسوية والاتحادات العمالية والشباب. فكان هذا التفويض لرئيسٍ كان نعم الوعد الذي لا يعرف التراجع، ونعم العهد الذي يرفض شبح الخيانة. وبرئاسته أصبح المجلس، بهيئاته ومؤسساته، الإطار السياسي الشرعي المعبِّر عن صوت تلك الجموع المحتشدة في الساحات، والتي ترفع اليوم هتافًا واحدًا موحدًا: “يا فخامة الرئيس الزبيدي، أعلنها دولة”.
إنها المطالبة التاريخية التي تختزل آلام الماضي وطموحات المستقبل؛ مطالبةٌ بإنهاء حالة التردد، والتخلص من بقايا ما يُسمَّى “شرعية الفشل” التي فرَّت إلى المنافي، لتصدر منها قراراتٌ متهاويةٌ تظن أنها تعيق الانتصارات التي تحققت، وتُخفِّف الحربَ على عصابات التهريب والتظيمات الإرهابية التي مثلت جسر عبور للإخوان والمليشيات الحوثية. فهذه “الشرعية” هي التي تهربت من مواجهة مصيرية مع مليشيات الحوثي، وألقت بأعباء حروبها على الجنوب، في محاولةٍ يائسةٍ لإغراقه في الفوضى، واتخذت من حروبها الجانبية مبررًا للتهرب من تصويب المعركة مع المليشيات الحوثية. والمعروف عن تلك “الشرعية” أنها، بتخادمها مع قيادات الإخوان، تدعم من خلف الكواليس عصاباتٍ معروفة تُموَّل بأموال مسروقة بيد جماعة الإخوان، وتشجّع تهريب الأسلحة والمخدرات، وترعى تشكيلاتٍ إرهابيةً في خدمة المليشيات الحوثية ومحاولة استنزاف التحالف العربي. وفي الجانب الموازي، تُدير “شرعية الهارب” رشاد العليمي كياناتٍ إعلاميةً مأجورةً، تشنُّ حملاتٍ من الأكاذيب والإساءات البذيئة تستهدف رمزية المجلس الانتقالي ورئيسه ونوابه وزملاءه في المجلس الرئاسي. ولم تقتصر الإساءة والتشهير على القيادات العليا في الجنوب، بل طالت القيادات العسكرية والأمنية الجنوبية، ظنًّا منها أنها تستطيع النيل من مكانتهم في قلوب شعبهم؛ لكن جهلها بحقيقة أن الشعب في الجنوب هو من صنع هذه الرموز، وهو حاميها، كان عميقًا.
ومن خلال تواجدي في ساحة الاعتصام المفتوح الليلة والأيام السابقة، رأيت أصوات الجماهير تعلو بإرادةٍ لا تُقهَر، ومن خلال قراءتي الصحفية استخلصت النقاط الآتية:
أولاً: تجدِّد الجماهير تفويضها الكامل والأبدي للرئيس الزعيم القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي، وتمنحه الصلاحية المطلقة للسير بالمشروع التحرري الجنوبي إلى برِّ الأمان والاستقلال الناجز، على الطريق الآمن الذي دأب على رسم معالمه في خطاباته الواضحة الصادقة في أكثر من مناسبة.
ثانيًا: تطالب هذه الجموعُ الأمينَ العام للأمم المتحدة ومبعوثَه الخاص بالنزول من أبراجهم الدبلوماسية إلى هذه الساحة، لينقلوا بأنفسهم صوت الشعب الجنوبي بإرادته الشعبية الحية، وطرق نضاله السلمية النابعة من إرث ثقافي ونضالي لشعبٍ جنوبي كان يومًا دولةً كاملةَ السيادة، عُرفت بالمدنية والتعايش وقبول التنوع واحترام الأقليات.
ثالثًا: تطالب الجماهيرُ قيادتَها في المجلس الانتقالي ودبلوماسيته الحكيمة بأن تعمل على إسقاط رشاد العليمي من المجلس الرئاسي، ومحاكمته على جرائمه المتمثلة في إعلان العقاب الجماعي بحق شعب الجنوب، عبر حرمانه من الرواتب والوقود والخدمات الأساسية، وتشجيعه لتهريب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، وتعطيل استيراد الغذاء. وكل تلك التصرفات الصادرة عنه هي محاولةٌ حاقدةٌ لكسر إرادة شعب الجنوب، غير أنه مجرد حلمٍ في خياله المصاب بالزهايمر، لكنه لن يتحقق.
رابعًا: تؤكد رسائلُ جماهير الساحة وإرادتهم الشعبية لقيادتنا الجنوبية الحكيمة مباركتها لتلك الانتصارات التي حققتها قواتنا الجنوبية الباسلة من جهة وتؤكد أن الشعب لا يقبل أي تراجع عن المكتسبات والانتصارات العسكرية والأمنية في وادي وصحراء حضرموت والمهرة؛ فهي أرضٌ جنوبيةٌ أصيلة، وكل محاولة لطمس جنوبيتها عبر خطاب إعلامي هابط هي محاولةٌ بائسةٌ لا ترتقي حتى لمستوى الخصام غير المشروع من جهة أخرى.
وهذه هي الإرادة الشعبية الجنوبية في ساحات الاعتصامات المفتوحة التي تأتي طواعية بهدف إيصال موقفها الواضح مع انتصارات قواتنا الجنوبية وما حققته من انتصارات وتريد تخبرك يا فخامة الرئيس الزبيدي؛ أن اعتصامنا سلمي، وطرق تعبيرنا نظامي، ومواقف نضالنا صلبة كالحديد وهي تناديك من أعماق القلب بهتافاتها الحماسية الصادقة من ساحة الاعتصام المفتوح: هل حان وقت الإعلان؟ فالشعب قد قال كلمته، والتاريخ ينتظر تحرير حرفه الأخير، وأنت يا فخامة الرئيس الزبيدي، يا صاحب قرار الفصل، يا من ترسم الطريق الآمن لشعبك للخلاص النهائي من هذا المحتل اللعين.





