الأمانة في حضرموتلن يستطيع أحد أن يعتدي عليها ..حق مستحق..للحضارم.
تاربة_اليوم /كتابات واراء
.مقال وقصة..
للكاتب الحضرمي يسلم بن علي..
من وحي القلم..
🔎 قراءة أعمق للخبر
يمثل هذا الحدث نموذجًا للتحولات المتسارعة في طريقة تداول المعلومات، وتأثيرها المباشر على وعي القارئ.
19 ديسمبر 2025
الأمانة في حضرموت هي قيمة متأصلة، تتوارثها الأجيال وتحميها العادات والتقاليد. إنها ليست مجرد كلمة، بل منهج حياة يتعلمه الآباء والأجداد منذ الصغر. يتعلم الأطفال أن الحفاظ على الحقوق والوعد شيء مقدس، وأن أي اعتداء عليه يُعتبر خرقًا للمجتمع بأسره. هذا المفهوم يجعل الناس يراقبون بعضهم البعض بحرص، ويشجع على التعاون والثقة المتبادلة بين الجيران والأقارب.
الأمانة في حضرموت تشمل ثلاثة أركان أساسية:
1. *الكلمة* – تعطى كعهد، ولا يجوز نقضها مهما كانت الظروف.
2. *الصدق* – أساس التعامل؛ فمن يكذب يفقد ثقة المجتمع بأسره.
3. *المال* – يحفظ الحقوق المالية بشرف، ولا يُمس مال أحد إلا بالحق والرضا.
هذه الأركان متداخلة؛ فالكلمة الصادقة تحفظ المال، والمال الأمين يعزز الثقة في الكلمة.
قصة الأمانة الملقاة في الطريق
في إحدى قرى حضرموت عاش شابٌ يُدعى *أبو حسين*، أعزب يعمل في صناعة التنانير (تنار للخبز) من بعد صلاة الفجر حتى قرب المغرب. كان معروفًا بأمانته وحسن خلقه، يعمل بجد وكل حب وإتقان، ولا يفكر إلا بقوت يومه هو وأسرته – والدته وإخوته.
..في مساء يوم الخميس، وبينما كان أبو حسين يسير بجوار محطة المحروقات على الطريق الذي يربط مدينة شبام بالحزم، رأى شنطة ملقاة على الأرض. فتحها فوجد بداخلها مبلغًا قدره *ستة وخمسون ألف ريال سعودي*، وهي ملك لأحد المغتربين. لم يكن مع الشنطة أي دليل يدل على صاحبها.
أخذ أبو حسين الشنطة إلى أمه وأخبرها بما حدث. قالت له الأم الحنونة: _“يا ولدي، سلم هذه الأمانة لأهلها، فإن الله يحب الأمانة.”_ فقرر أبو حسين البحث عن صاحب المال بكل ما أوتي من جهد.
وبعد أيام من السؤال في الأسواق والمساجد، علم أن صاحب الشنطة هو *صالح المهري*، شاب من محافظة المهرة، ابو محمد، يعمل في المملكة العربية السعودية منذ ثلاث سنوات ليعيل أسرته. كان صالح قد أعد هذا المبلغ ليتم زواجه من ابنة عمه، إلا أن الشنطة ضاعت منه في طريق العودة إلى الوطن، فأصبح في حالة يُرثى لها ولم يخبر أحدًا بما حدث سوى والدته التي طلبت منه الصبر والاحتساب.
..عندما التقى أبو حسين بصالح، استقبله الأخير بفرحة عارمة وشكر الله على وجود أمثال أبو حسين في هذه الأرض. قال صالح: _“لقد فقدت أملًا كبيرًا، ولكن الله أرسلك لي كرسول من السماء.”_ وبعد أن استلم صالح المبلغ، أخبر أبو حسين بأنه سيعود إلى المهرة ليتم زواجه ويعيد لأمه السعادة التي فقدها.
وهكذا عادت الأمانة إلى صاحبها، وعادت الثقة إلى أهل حضرموت. إن الأمانة ليست مجرد كلمة، بل هي منهج حياة يتوارثه الآباء والأجداد، تشمل الكلمة الصادقة والصدق في التعامل وحفظ المال بشرف. إنها ركائز متداخلة تعزز الثقة بين الناس وتجعل المجتمع كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
نسأل الله أن يحفظ أهل حضرموت وأن يزيد في أمانتهم وصدقهم، وأن يجعل هذه القصة مثالاً يُحتذى به في كل زمان ومكان. الحمد لله رب العالمين..
✍️_الكاتب حضرمي يسلم بن علي_
غفر الله له ولجميع المسلمين_حضرموت للجميع بدون استثناء..🤝





