القاهرة: ندوة سياسية تدعو إلى مؤتمر إقليمي لمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية في اليمن
عقد مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، بالشراكة مع مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، في العاصمة المصرية القاهرة، ندوة سياسية وأمنية موسعة ناقشت قضية الهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي إلى اليمن، وما تمثله من مخاطر وتداعيات متشعبة على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية والتنموية، إلى جانب آثارها الديمغرافية وانعكاساتها على أمن اليمن ودول الجوار.
واستهلت الندوة بعرض مقطع مرئي تناول بعض جوانب الهجرة غير النظامية، مسلطًا الضوء على أساليب تجنيد المهاجرين الأفارقة واستغلالهم من قبل مليشيا الحوثي، إضافة إلى تواجدهم في معسكرات ومناطق حدودية متاخمة للمملكة العربية السعودية، في مشهد يعكس خطورة هذه الظاهرة وتحوّلها إلى تهديد أمني منظم.
💬 لماذا يهمك هذا الخبر؟
تكمن أهمية هذه الأخبار في انعكاسها على حياة المستخدم اليومية وفهمه لما يدور حوله.
وافتتح أعمال الندوة اللواء أركان حرب حمدي لبيب، رئيس مؤسسة الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، مؤكدًا أن الهجرة غير الشرعية لم تعد مجرد قضية إنسانية، بل أصبحت قضية أمن قومي إقليمي بامتياز، لما تحمله من مخاطر مباشرة على استقرار الدول، وارتباطها بشبكات تهريب وجماعات مسلحة عابرة للحدود.
وشهدت الندوة مناقشة ورقتين سياسيتين متخصصتين، حيث قدم الورقة الأولى رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، محمد الولص بحيبح، بعنوان: “الهجرة غير الشرعية الأفريقية إلى اليمن.. المخاطر الأمنية وانعكاساتها على أمن اليمن ودول الجوار ودور الحوثيين في استغلال المهاجرين”.
وتناولت الورقة سبعة محاور رئيسية، استهلت باستعراض المخاطر والتهديدات الأمنية التي تمس أمن اليمن والمنطقة، مؤكدة أن قضية الهجرة غير الشرعية تحولت خلال السنوات الماضية إلى ملف أمني وسياسي معقّد، يتم توظيفه ضمن أجندات إقليمية، في مقدمتها أطراف ذات أطماع توسعية في اليمن، من بينها إيران.
وكشفت الورقة، بشكل معمّق، عن آليات استغلال جماعة الحوثي للمهاجرين الأفارقة في حربها، بما في ذلك إنشاء معسكرات تجنيد تضم مقاتلين من الأفارقة في مناطق سيطرتها، لا سيما على الحدود اليمنية – السعودية، وتسليحهم بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، إلى جانب توظيفهم في عمليات تهريب المخدرات والقات والأسلحة إلى داخل المملكة العربية السعودية.
كما عرضت الورقة نتائج تحقيقات أكدت وجود سبعة معسكرات تجنيد مخصصة للمهاجرين الأفارقة في مناطق سيطرة الحوثيين، تضم أكثر من عشرين ألف مجند، مع تسجيل مقتل ما يقارب 2900 عنصر من المهاجرين الأفارقة في صفوف الجماعة خلال الفترة من 2018 إلى 2022، فضلاً عن تقديرات تشير إلى وجود أكثر من مليون ونصف مهاجر أفريقي في اليمن بطرق غير شرعية.
فيما ناقشت الورقة الثانية، التي قدمها المدير التنفيذي للمركز، الدكتور ذياب الدباء، الآثار والمخاطر الاقتصادية والصحية والتنموية، إضافة إلى التحولات الديمغرافية الناتجة عن تدفقات الهجرة غير النظامية على اليمن ودول الخليج، محذرًا من تداعيات طويلة المدى قد تفاقم الأزمات القائمة وتثقل كاهل الدول المستقبِلة.
وأثرت مداخلات المشاركين الندوة بنقاشات معمقة، سلطت الضوء على طبيعة هذه الأزمة وتداخل أبعادها الأمنية والسياسية، ووصفت الهجرة غير الشرعية إلى اليمن بأنها “أزمة صامتة” لم تحظَ بالاهتمام الدولي الكافي مقارنة بأزمات الهجرة إلى أوروبا أو الولايات المتحدة، رغم خطورتها وتداعياتها المتصاعدة. وأكد المتحدثون أهمية تجاوز حالة الانقسام والصراع، وتفعيل دور مؤسسات الدولة، وتعزيز الشراكة مع القوى الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، والمنظمات الدولية.
وخلصت الندوة والأوراق السياسية المقدمة إلى جملة من التوصيات، أبرزها دعوة مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية إلى عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة دولية، لمناقشة أزمة الهجرة غير الشرعية في اليمن ومعالجتها باعتبارها قضية معقدة ذات تداعيات خطيرة ومتزايدة.
وأوصت الندوة بأن يسفر المؤتمر عن تشكيل لجنة تنفيذية لمعالجة أزمة الهجرة الأفريقية إلى اليمن، تضم في رئاستها وعضويتها ممثلين عن الحكومة اليمنية، ومجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إلى جانب المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، مع إعداد استراتيجيات متكاملة لإدارة ملف الهجرة، تشمل تسجيل المهاجرين، ومكافحة شبكات التهريب، وتعزيز التنسيق مع المجتمع الدولي.
كما تضمنت التوصيات إنشاء صندوق مالي لتلقي الدعم والمساهمات المحلية والإقليمية والدولية لتمويل جهود معالجة الأزمة، وإنشاء وحدة متخصصة لمكافحة الهجرة غير الشرعية تتبع وزارة الداخلية، وتعزيز التعاون والاتفاقيات بين اليمن ودول القرن الأفريقي للحد من الظاهرة، إضافة إلى دعم القوات اليمنية العاملة في السواحل لمكافحة التهريب عبر البحر، وتمكين مؤسسات الدولة من تعزيز أمن الحدود وتطوير قدرات الأجهزة الأمنية المختصة.
وشددت الندوة كذلك على أهمية دعم الدراسات والأبحاث المتخصصة في قضايا الهجرة غير الشرعية، لا سيما في المحافظات ذات الكثافة العالية للمهاجرين، مع إسناد دور الجامعات والمراكز البحثية لإنتاج أوراق سياسات عملية وقابلة للتطبيق.
وحضر الندوة عدد من السياسيين والخبراء والأكاديميين والحقوقيين والأمنيين والإعلاميين من الجانبين اليمني والمصري، في تأكيد على تنامي الاهتمام الإقليمي بهذه القضية بوصفها تحديًا مشتركًا يتطلب مقاربات جماعية وشاملة.





