اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

رجال في الذاكرة المهندس طالب جعفر بن شملان التميمي

رجال في الذاكرة المهندس طالب جعفر بن شملان التميمي

بقلم / ٱ. د خالد سالم باوزير
الاثنين 15 ديسمبر 2025

أكتب اليوم عن شخصية حضرمية عرفتها عن قرب، واسهمت في بناء، وهندسة العديد من المشاريع في اليمن الديمقراطية قبل ما يسمى الوحدة . وهو المهندس طالب جعفر بن شملان – الله يرحمه – من مواليد أندونيسيا من أب حضرمي، وأم حضرمية من أبناء المهاجرين الذي استقرت بهم الهجرة الحضرمية، مع غيرهم من الحضارم إلى الجزر الأندونيسية طلباً للعيش بحكم الظروف الجغرافية الطاردة في حضرموت .

استقر والده في أحد مدن جاوه بكللقوان وانجب والده طالب، وأخوه آخرين: صالح وبنت . ووالد طالب بن شملان من بن شملان أهل السويري القريبه من مدينة تريم الحضرمية، مدينة العلم، والدين، والتاريخ، والمذهب السني الوسطى .

وكان الحضارم في أندونيسيا مرتبطين بوطنهم الأم حضرموت، وكانوا يرسلون أولادهم في سن مبكر إلى عند أسرهم في حضرموت لتعلّم اللغة العربية، وعلوم الدين، ثم الالتحاق بالمدارس الحكومية، والعادات والتقاليد الحضرمية، وحسن الخلوق والالتزام الصارم في أمور الحياة بما ينسجم وسلك المسلمون الأوائل .

كيف عرفت المهندس طالب
لقد تعرفت على المهندس طالب بن شملان عندما كان مهندساً، ومديراً لمشروع طريق المكلا وادي حضرموت الذي كانت تنفذه شركة التاج البريطانية في المكلا مقر الشركة الأساسي عن طريق أخي .

طالب درس في مدارس حضرموت، ثم انتقل إلى وسطي الغيل، وبعدها بعث إلى جمهورية السودان لدراسة الثانوية العامة، والجامعية . وكان المهندس بن شملان متفوقاً في دراسته .

وقبل سفره أيام الدولة القعيطية الحضرمية عمل مدرساً في مدارس الوادي القطن، ووادي عمد . حتى أبتعث إلى الدراسة الجامعية في جامعة الخرطوم، والتي كانت أفضل جامعة على مستوى الدول العربية في فترة حكم البريطانيين للسودان .

تخرج المهندس طالب جعفر في سنوات الاستقلال الأولى الجنوب، وعين مهندساً في وزارة الإنشاءات في عدن، وسكن في مدينة المعلا، وتزوج في وادي حضرموت من أحد بنات آل شملان، وانجبت له زوجته ثلاث أولاد المهندس يوسف، والمهندس محمد، وجعفر، واربع بنات .

نعود إلى أيام معرفتي به بحكم أني من مواليد أندونيسيا، فقد تطوّرت العلاقة معه، وكنا نتقابل دوماً في المكلا، أو عدن . وكان نعم الشخص الوفي الهادي الصادق الملتزم في أمور دينه، ودنياه، وهو مثال للأخلاق، والقيم، والكرم، وحسن الضيافة .

بعد سنوات أنجز مشروع طريق المكلا وادي حضرموت بإدارته الفذة، وتصميمه، ومثابرته، وفهمة لعملة في تنفيذ خطط المشروع، والأنجاز . وكان يحظى باحترام السلطة في حضرموت، وعدن .

بعد انتهاء المشروع بعثته الدولة إلى بريطانيا لدراسة الماجستير في الهندسة في جامعة لندن . وبعد إتمام الدراسة عاد إلى عدن، واستمر في عمله في الوزارة .

وفي بداية الثمانينات من القرن الماضي في فترة قيادة المهندس حيدر العطاس لوزارة الإنشاءات، عُيّن نائب وزير الإنشاءات في الوزارة، وكان في عمله متقن . وكنت عند زيارتي لعدن لأمر ما، أو لمتابعة أوراق دراستي العليا كان يستضيفني في بيته في الشارع الرئيسى في المعلا . ثم بعد ذلك انتقل إلى خورمكسر، وتعرفت عن قرب على كل أولاده .

استمر المهندس طالب في عملة، وكان يتابع مشاريع وزارة الإنشاءات في عدن، والمحافظات الأخرى . سوى في الطرق، أو الوحدات السكنية . وقد أشرف على إنجاز العديد؛ لأن الوزارة كانت أيام اليمن الديمقراطية المخولة في بناء الوحدات السكنية، والإشراف على كل مشاريع البناء .

ورغم الظروف الاقتصادية، لكن كان هناك إنجاز مشاريع سكنية ماثلة إلى اليوم سوى مدينة عمر المختار، أو المشروع السعودي، وحي عبدالعزيز عبدالولي، وغيرها من الوحدات السكنية بما فيها الوحدات في المحافظات حضرموت وغيرها .

وكنت في زيارتي له أشاهد بعيني جلستة على الطاولة، وأمامه كل ليلة عدد من الملفات يدرسها، ويوجّه فيها بالإنجاز .

وفي أحداث 1986م بين رفاق الحزب في عدن، ونتيجة لما حصل من قتال، وتعرّض إحياء عدن للخراب، والدمار . كلف المهندس طالب بالإشراف على إعادة ترميم ما خربته صراعات الرفاق في فترة قيادة حيدر العطاس للحكومة، ومجلس الرئاسة .

ولأنه شخصية جادة، ونظيفة، وعلى دراية بما يريد أن يعمل أنجز ترميم المنازل، والمؤسسات التى تعرضت الدمار، وإعادتها إلى حالتها الطبيعية قبل أحداث 13 يناير المشؤومة . وكل بيت تعرّض الخراب أعيد ساكنيه فيه في وقت قياسي .

استمر النائب طالب في عمله في الوزارة حتى إعلان الوحدة في أول مايو 1990م . وفي زيارتي إلى صنعاء، وأنا عائد في إجازة من الأردن ألتقيت بالمهندس طالب في صنعاء، وسألته عن أحواله، والعمل .

والحقيقة هو قليل الكلام، هادي الطباع، فقد استنتجت أن المهندس طالب غير مرتاح في عمل الوزارة نتيجة العشوائية في صنعاء، وعدم وجود نظام كما تعودنا عليه في عدن، والجنوب، فاستمر أشهر، ثم عاد إلى عدن؛ لأن المخلصين في عمل وزارة الدولة في صنعاء لا بقاء لهم .

وكنت مرات أجلس، وأسمع منه أنه أسس مع مجموعة من المهندسين، والتجار الحضارم شركة العمران الحديث لبناء المنازل والفلل في منطقة الريان المكلا . وقد تم حجز الأراضي، ومسحت الأراضي، ورفعت لوائح المشروع الوطني المحلي، لكن كانت هناك عراقيل لم ينفذ المشروع بفعل عدم الاستقرار السياسي في البلد . وعاد أبو يوسف إلى عدن للاستقرار عند أسرته وأولاده، في مدينة خور مكسر .

وحينما كان نائب وزير طلبت منه في يوم توجيه بعد الوحدة مباشرة لمدير الإسكان في المكلا، وكان المهندس حينها أحمد الغلام العمودي الحصول على قطعة أرض . فقال لي يا ابني خالد اختر بين الحصول على الدكتوراه، واستكمال الدراسة، أو المتابعة الحصول على قطعة أرض في المكلا . ففكرت، وقلت له أبا يوسف أفضل أن أكمل الدكتوراه، والأرض أن شاء الله احصل عليها بعد إتمام الدراسة .

وفعلًا أخترت استكمال الدراسة، وتركت الأرض رغم أني حصلت على توجية منه للإسكان . ولكن بعد سنوات نزلت الموافقة الأرض، ولكن في موقع بعيد عن حي المهندسين في فلك . ضمن كشف المستحقين، ولكن لم تصرف لي الوثيفة إلى يومنا هذا .

كما كان دوماً يمازحني عندما نتقابل، هل وجدت الأرض؟ فكنت أقول له الدكتوراه أفضل خاصة بعد تخرجي من الدكتوراه، وعمله في شركة العمران .

كان المهندس طالب من خيرة المهندسين، وأفضلهم عملًا، وسلوكاً، وصدقاً، وأمانة .
وكنت أذهب إلى شقته في ديس المكلا شركة العمران الحديث، أقضي بعض الوقت وأستفيد من جميل الحديث معه، وكلمات منطقة، وكان حديثه صادقاً ، وذا خلق، وأدب جم .

وقد علمت وأنا في المكلا أنه تعرّض لأزمة صحية، وعلى إثرها نقل إلى مستشفيى الجمهورية، ولم يمكث أياماً كثيرة في المستشفى . ففارقت روحه الحياه إلى باريها، وتوفى المهندس – رحمة الله عليه – وحزنت كثيراً عليه، وكنت أريد السفر لتشييع جثمانه، لكن أولاده كما أوصى بدفنه في عدن من دون تأخير .

فقد فقدت عدن، وحضرموت مهندساً شهماً ناجحاً في عمله، وكادراً متميزاً أسهم حتى في الأعمال الخيرية في جمعية حضرموت في عدن . وكان له دور في إدخال الفرحة لأسر حضرمية في عدن، وتخفيف متاعب الحياة في إيصال المساعدات التي تقدم للجمعية الحضرمية في عمارة حي الخساف .

رحم الله المهندس طالب، وادخله فسيح جناته .

وإلى اللقاء إلى شخصية أخرى بأذن الله .

إغلاق