اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت أمام لحظة الحسم… وكيف تنتقل من الدفاع إلى صناعة القرار!!!

حضرموت أمام لحظة الحسم… وكيف تنتقل من الدفاع إلى صناعة القرار!!!

بقلم / م. لطفي بن سعدون الصيعري.
الاحد 14 ديسمبر 2025

بعد ان اجتاحت قوات الانتقالي الجنوبية حضرموت ، بقضها وقضيضها والافها المؤلفة ، مدعومة بقوة من قوة اقليمية ، تعيش حضرموت اليوم واحدة من أكثر مراحلها حساسية وتعقيدًا، حيث تتقاطع الضغوط السياسية والإعلامية الإقليمية والدولية ، مع إرادة حضرمية لم تنكسر، بالرغم من تعرضها لعدوان كبير ، وإضطرار مقاتليها مؤقتا للانسحاب من خطوط التماس الى مواقع آمنة ، حيث تتشكل هذه الأرادة وتبرز على السطح من جديد ، في مواجهة محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة، خارج إرادة أهل الأرض وتاريخهم وخصوصيتهم.

فالتحركات السياسية الصادرة عن رئاسة مجلس القيادة الرئاسي، ومجلسي النواب والشورى، إلى جانب الموقف السعودي الرسمي ، العسكري و الاعلامي والدبلوماسي الحازم ، الرافض لتحويل حضرموت إلى ساحة صراع أو غنيمة نفوذ اوفرض الامر الواقع بالقوة رغما عن أرادة الحضارمة ، كل ذلك يمثل مؤشرًا واضحًا على أن المشهد لم يعد كما كان. لقد باتت حضرموت في صدارة الاهتمام الوطني والإقليمي والعالمي، ليس بوصفها ساحة نزاع فحسب، بل باعتبارها مفتاح الاستقرار في شرق اليمن والمنطقة برمتها.

غير أن هذه التحولات، مهما بلغت قوتها، لن تفضي إلى نتائج حقيقية ما لم يتحول الحضارم أنفسهم إلى قوة فاعلة موحدة ومنظمة، قادرة على استثمار اللحظة وصياغة مشروعها الوطني بوضوح ومسؤولية. من هنا تبرز الحاجة إلى خارطة طريق حضرمية، واقعية ومختصرة، تنقل حضرموت من موقع ردّ الفعل الدفاعي إلى موقع الفعل الهجومي وصناعة القرار. وبمكن تحقيق ذلك من خلال الآتي:

أولًا: توحيد الصف وإعلان السقف السياسي :

الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا تتمثل في توحيد الموقف الحضرمي حول سقف سياسي جامع، بعيدًا عن الأسماء والشخصيات والحسابات الضيقة. سقف يقوم على مبادئ واضحة لا لبس فيها:
حضرموت إقليم واحد، لأبنائها الحق الكامل في إدارة شؤونهم الأمنية والعسكرية، ورفض قاطع لأي وجود عسكري مفروض من خارجها، مع الالتزام بالسلم الأهلي ورفض الفوضى والدفاع والمقاومة الخشنة المشروعة عند الحاجة.

هذا الإعلان لا يجب أن يكون بيانًا مطولًا أو خطابًا تصعيديًا، بل وثيقة سياسية مختصرة تعبّر عن الحد الأدنى الجامع، وتشكل مرجعية لأي تحرك لاحق.

ثانيًا: بناء إطار تنسيقي حضرمي :

فلا يمكن لإرادة شعبية أن تتحول إلى قوة مؤثرة دون إطار ينظمها. ويعبر سياسيا عنها داخلبا واقليميا ودوليا. من هنا تبرز أهمية تشكيل مجلس تنسيق حضرمي، يضم المكونات السياسية والقبلية، والمكونات المدنية، والشخصيات الاجتماعية، والنخب المستقلة، دون أن يتحول إلى سلطة بديلة أو هدف سهل للاستهداف.وعلى ان يكون لحلف قبائل حضرموت وقوات حماية حضرموت الموقع المتصدر فيها ،تقديرا لتصدرها الفعل المقاوم للغزاة .

وظيفة هذا الإطار ليست الحكم أو الإدارة، بل تنسيق المواقف، وإدارة الخلافات داخليًا، ومخاطبة الداخل والخارج بصوت واحد، يعكس وحدة حضرموت وتلاحم شعبها لا تشتتهم.

ثالثًا: معركة الوعي والإعلام :

في ظل موازين القوة العسكرية، الغير متكافئة ، يصبح الإعلام ساحة الحسم الأهم. فالمطلوب اليوم ضبط وتطوير وتوحيد الخطاب الإعلامي الحضرمي، والانتقال من لغة الانفعال والتخوين إلى لغة الحقوق والاستقرار والمسؤولية ، ودحض وتضليل وهرطقات الاعلام الانتقالي المضاد.

وأن لا تقدم نفسها حضرموت ،كطرف صراع وحسب، بل كصاحبة أرض، وركيزة استقرار، وشريك موثوق في حماية الأمن الإقليمي والدولي. وكل انتهاك، وكل قمع، وكل محاولة إسكات، يجب أن تُحوَّل إلى رسالة ضغط ذكية، تُظهر أن فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة لا يصنع أمنًا، بل يولد أزمات متلاحقة وصراعات دموية مؤجلة.

رابعًا: فرض الإرادة الشعبية السلمية :

لا تحتاج حضرموت حاليا إلى مواجهات مفتوحة أو مناوشات عسكرية، لعدم تكافؤ القوى ، بل إلى أدوات ضغط سلمية متراكمة: بيانات جماعية، حملات إعلامية منسقة، وقفات جماهيرية واعتصامات وعصيان مدني، ورسائل واضحة مفادها أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا بأبناء الأرض وبخروج الغزاة.

هذا الحضور الشعبي المنظم هو ما يمنح أي تحرك سياسي وإعلامي ودبلوماسي ، حضرمي أو إقليمي او دولي شرعيته وقوته.

خامسًا: الشراكة مع السعودية كحليف إستراتيجي :

تشكل المملكة العربية السعودية اليوم ، الإسناد التاريخي والقبلي والإقتصداي والسياسي والاعلامي و حتى العسكري ، وهي عامل توازن أساسي في المشهد الحضرمي. والتعامل معها يجب أن يكون من منطلق الشراكة الإستراتيجية، وليس التكتيكية العابرة ، وذلك عبر دعم جهودها في منع الفوضى وتثبيت الأمن والسلم، وخروج القوات الغازية، وتمكين أبناء حضرموت، وتقديمهم كضامن حقيقي لأمن بلادهم والمنطقة بشكل عام.

فالسعودية لا تبحث عن وكلاء، بل عن شركاء موثوقين، ومن غير الحضارم مؤهلون للقيام بهذا الدور إذا أحسنوا تنظيم صفوفهم.

سادسًا: تثبيت البديل لا الاكتفاء بالرفض :

رفض فرض الأمر الواقع لا يكتمل دون تقديم بديل واضح. البديل هو قوات حضرمية، مدعومة ومُنظمة، تتمثل في النخبة الحضرمية وقوات حماية حضرموت وبمشاركة قوات درع الوطن من الحضارم ، تتولى الملف الأمني والعسكري في كل حضرموت، وتمنع أي فراغ قد يُستغل لإعادة إنتاج الفوضى. واخراج كل القوات الجنوبية الغازية ، من حضرموت.
والمطالبة يجب أن تكون محددة: جدول زمني، آلية تسليم، وإشراف محلي، بعيدًا عن الشعارات العامة.

وخاتمة القول فإن حضرموت اليوم تقف على مفترق طرق تاريخي. فإما أن تبقى ساحة تُدار من خارجها، أو أن تتحول إلى نموذج لإرادة محلية واعية، تفرض نفسها بهدوء وقوة ذاتية ، وتعيد رسم المعادلة لصالح أهلها، وهذا مايتمناه ملايين الحضارمة في الداخل والمهجر .

الفرصة متاحة، والضغوط تتصاعد، لكن الكلمة الفصل ستظل للحضارم:
هل يكتفون بمراقبة التحولات؟
أم يمسكون بزمام المبادرة، ويكتبون فصلهم القادم بأيديهم؟

إغلاق