فجر الانتصار في حضرموت
بقلم / م. اشرف حيمد قفزان
السبت 13 ديسمبر 2025
هناك أيام لا تمرّ كغيرها، أيام تُشكّل من جديد خارطة الروح والوطن. واليوم، تقف حضرموت على أعتاب واحد من تلك الأيام الخالدة. بعد سنوات من الصبر المرير، والمعاناة الممتدة تحت سياط الظلم والقهر، وبعد أن أثقل الإرهاب والنهب كاهل هذا الشعب العريق، أشرق فجر لم يكن مجرد ضوء، بل كان وعدًا تحقق على يد الأبطال.
حضرموت انتصرت، هذا الانتصار ليس حدثًا عسكريًا عابرًا، بل هو تتويج لمسيرة كفاح شعب رفض أن يركع، وأبى أن تُستباح أرضه وتُنهب ثرواته من أي محتل أو طامع. لقد كان انتصارًا لإرادة الحياة، انتصارًا على كل من حاول إطفاء شمعة الأمل في قلوب أبنائها. وحين انتصرت حضرموت، انتصرت معها كرامة الجنوب العربي كله، لتُعيد رسم ملامح العزة والشموخ التي طالما حلمنا بها.
كيف لا نفخر ونحتفل؟ إن هذا اليوم ليس مجرد سطر في التاريخ، بل هو صفحة بيضاء ناصعة كُتبت بدماء أغلى الرجال. إنه حصاد لجهدٍ بدأ من الصفر، حيث تجسّدت رؤية بناء جيش جنوبي عملاق، جيشٌ لم يكن مجرد قوة قتالية، بل كان درعًا وصوتًا لحق مسلوب.
نتوقف اليوم بخشوع وإجلال أمام عظمة التضحية. شكرًا من أعماق القلب لكل يدٍ ساهمت، لكل مَن وضع لبنة في هذا البنيان الصلب. شكرًا لكل جندي وفرد من تلك القوات الباسلة، الذين ناموا على صوت السلاح واستيقظوا على أمل النصر، ضاربين أروع الأمثلة في البذل والفداء. وشكرًا لكل داعم سخي، سواء قدم المال أو السلاح أو حتى تلك الكلمة المعنوية التي كانت كالبلسم على الجروح.
لقد كان هذا النصر بمثابة الرد القاطع والنهائي على كل من شارك في إذلال هذا الشعب، وعلى كل من سعى لقطع أرزاقه وحرمانه من أبسط حقوقه وخدماته. اليوم، تدوي أصداء الفرح لتبلغ كل من ظنّ أن حضرموت ستستسلم.
إنه يوم حضرمي جنوبي بامتياز، يومٌ يحق لنا فيه رفع رؤوسنا عاليًا. لكن لحظة الاحتفال تحمل في طياتها مسؤولية تاريخية أعمق.
يا أبناء حضرموت الأوفياء، إن هذا الإنجاز الذي تحقق بعد طول صبر وتضحية بالغالي والنفيس، هو أمانة في أعناقنا. يجب علينا، نحن أبناء هذا الشعب الغيور، أن نكون حماة هذا النصر. الحفاظ على هذه المكتسبات التي أزهرت بالدماء والعرق، هو واجب وطني مقدس. إنها ملك للشعب الحضرمي وحده، ومستقبل أجيالنا يعتمد على قدرتنا على صيانة هذه الحرية المكتسبة.
فلنجعل من هذا اليوم نقطة انطلاق نحو بناء الغد، ولنكن على قدر هذا النصر العظيم.
لتدوم العزة لحضرموت، والمجد للجنوب العربي.






