الوحدة أفشلت والتعايش خير من الصراعات
بقلم / الشيخ حسين غالب العامري
الاربعاء 10 ديسمبر 2025
حمدًا لله كما ينبغي لعظمته وجلال سلطانه، وصلاةُ ربي على الرحمةِ المُهداة، ومن اقتدى بهداه.
أحبتي، تلك الكلمات التي تُردَّد من أفواه المتنفذين، مستغلّين بساطةَ شعبٍ تدفعه العواطف والحماقات والانتماءات المناطقيّة والقبليّة: “الوحدة أو الموت”.
السؤال للعقول التي اندفعت خلف تلك الكلمات، فوقعت بين شعبين، الشمالي والجنوبي، في تمزّقٍ وكراهيةٍ وتناحرٍ وعصبيّةٍ عمياء.
أفيدونا بصدق وأمانة:
من المستفيد من تلك الوحدة من الشعبين شمالًا وجنوبًا؟
والجميع يعيش حياة بؤس وشقاء وذلّة ومهانة وضنك، رغم الثروات التي تنعم بها البلاد؟
وقد أصبح الاقتتال والدماء تسيل هنا وهناك، والأرواح تُزهق، بينما أبناء من يتغنون بالوحدة يعيشون في أفخم الفنادق والفلل في الخارج، ويستثمرون المشاريع هنا وهناك، وتُصرف أموالهم بالعملة الأجنبية، وتُهدر أموال طائلة في المراقص والحفلات.
أيُّ وحدةٍ تتحدثون عنها؟
رغم أن أبناء الجنوب هم أكثر من دافع عن تلك الوحدة المزعومة، حتى انكشفت الوجوه على حقيقتها في حرب عام 94، وثبتت النوايا الخبيثة في تلك الحرب الظالمة. وبكل أسف استُغلت الخلافات والنزاعات الداخلية في الجنوب، التي كان عبدالفتاح وزمرته سببًا في إشعالها.
هكذا كان “الوفاء” للجنوب:
اجتاحت تلك الحرب الجنوب، بدايةً بتدمير القوة العسكرية الضاربة والحصن الذي كان يحمي الجزيرة العربية، والذي استُدرج بالخداع من علي عبدالله صالح ورموزه بحجة تأمين الأمن والاستقرار، وبحجة جيش بعيد عن الانتماءات القبلية التي تهدد ثوابت الدولة ونهضتها في الشمال.
ثم استُبيحت كل أراضي الجنوب، ودُمّرت البنية التحتية والخدمات، رغم تصريحات مجلس الأمن ودول العالم بعدم فرض وحدة بالقوة، إلا أنها فُرضت على شعبٍ جُرِّد من كل شيء.
واليوم نسمع الصراخ والوعيد والتصريحات هنا وهناك، بعد أن أثبت أبناء الجنوب بالعزيمة والإصرار قدرتهم على بسط حقوقهم المشروعة وتمكينهم على أرضهم دون تجاوزها.
لماذا كل هذا الصراخ يا عليمي؟
أما كفاكم ما اغتنمتم من خيرات هذا الشعب المغلوب؟
وكيف استغللتم نهب ثرواته وأراضيه؟
وفتح علي عبدالله صالح مكتب شؤون القبائل ليعطي الشيوخ فتاتًا لا يتجاوز سبعة آلاف ريال، ويمزّق القبائل، ويخلق التنافس على المشيخة على حساب الأعراف المتوارثة، فضعفت حال الكثير، وسكتوا عن السلب والنهب لثرواتنا، بمآ أن شيوخ صنعاء لهم امتيازات واموال طائله وفي نهاية تخلو عنه في أصعب الظروف، ان تدمير ما تبقى من النسيج الحضرمي بانتشار القات بطرق شيطانية وممنهجة، مزّقت المجتمع بالصراعات والانزلاق للفوضى والفتنة.
وما نشاهده اليوم من اعتصامات هو صرخة حق لكابوسٍ جثم على صدور أبناء الجنوب، وحرمانهم من أبسط حقوق الحياة الكريمة.
كلمة حق تقال:
اتفقنا أو اختلفنا مع القائد عيدروس الزبيدي، فشهادة للتاريخ: بعد ما رأينا في 30 نوفمبر العرض العسكري المهيب في ساحة العروض، وما نشهده من القوات التي اتجهت إلى حضرموت والمهرة، والقوات المرابطة على طول المواجهات ضد هجمات الحوثي والتمدد الإيراني في المنطقة، فإن تكوين هذا الجيش من الصفر دليل على الإنجازات التي حققها لشعبه المكلوم المحروم من بسط حقوقه.
هنا فقط يستطيع أبناء الجنوب عامةً نيل استحقاقاتهم والعدالة في الحياة.
هذا الرجل — للأمانة — يستحق كل الفخر والاعتزاز والاحترام.
يا أبناء الجنوب، حذارِ أن تنساقوا وراء الأبواق المسترزقة، التي استغلت الظروف وخلقت لنا الأزمات تلو الأزمات، ومزقتنا ودَفَعَت بنا إلى التناحر. برغم طائرات شحن يوميا إلى مطار صنعاء لتعزيز قدراته لم نسمع الهياص والنواح ألذي صدعتوا برؤسنا ما هكذا يورد الإبل يا هولاء






