دَحق الجَمْرة .. و قُل ما شُفتَها‼️
بقلم عبد الرحمن باجـري
الاحد 30 نوفمبر 2025
خُلِقَ الإنسانُ – بطبعه – اجتماعياً ، و كُلَّما زادت تجاربُهُ و مداركهُ في الحياة كُلَّما اتَّسعت دائرة علاقاته الاجتماعية ، فيأتي البعض لحياتِك بِمَثابة النّعمة فتحمد اللَّهَ عليها ، و يأتي البعض الآخر كَدرس فتتعلَّم من هذا الدَّرس طيلة أيام حياتِك ، و لا تخلو أي علاقة من مُنغِّصات و( مَطبَّات)، حيث لا مَفَرَّ و لا مَنَاص من إساءةٍ و أذى، و شَتيمَةٍ و غيبةٍ و نَميمة ، لذلك نجد أنفسنا أنَّنا بحاجة لراحة البال و أن نُتقِن مهارات التَّجاهل لهذه الإساءات ، و التّغافُل عن تغيُّرات الأشخاص و مواقِفِهم ، فالتَّغافُل من شِيَمِ الكِبار و من أخلاق الكِرام و قد قِيل :
ليس الغبيُّ بسَيِّدٍ في قومه
لكن سيِّدُ قومه المُتَغابي
و لنا في رسول اللَّهِ أُسْوَةٌ حسنة عندما كان يشتمهُ الكفار و ينادونهُ (مُذمَّمَا) إلا أنَّه يقول :
(يشتمون مُذَمَّماَ و يلعنون مُذَمَّماَ و أنا مُحمد) ، و لذلك قال اللَّهُ في صفات المؤمنين :
( و إذا خاطَبَهُم الجاهلونَ قالوا سلاماً) ، و يُروى أنّ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّهُ؛ داس بقدمه رَجُلاً من الرعيَّة نائماً في ظلام المسجد فقال الرَّجُل :
ما لَك؟!
أَأَنتَ حمار؟
فقال عُمر :
( لا، أنا عُمر ) ، فقال أحدُهُم :
لقد قال لك حمار ، فقال الأمير :
إنما سألني :
أأنت حمار؛ فأجبته :
(لا، أنا عمر !!) ، هكذا و بكلِّ هدوء و تجاهُل انتهى المَوقِف و كأنَّ شيئاً لم يَكُن .
و صدقَ الإمام الشافعيُّ ـ رحمه اللَّه – حين قال :
(الكَيِّس العاقل ؛ هو الفَطِن المُتَغَافِل)، و كَم أوجَزَ الإمامُ أحمد بن حنبل -رحمه اللَّهُ- في قوله :(تِسعة أعشار حُسن الخُلق في التَّغافُل) ، و لا أنسى في هذا المَقام أُمِّي – حَفِظَها اللّهُ و رعاها – فقد كانت توصيني بِحُسنِ الخُلق و أن أكونَ في حاجة الآخرين و لا أردّ أحداً ، و رَحِمَ اللَّهُ والدي العزيز و الذي كان دائماً ما يُوصِيني بالتَّغافُل عن الإساءة و الإعراض عن الجاهلين و الابتعاد عن (القِيلِ و القَال)، و دائماً ما يُرَدِّد المَثَل الحضرمي القديم :
(دَحق الجَمرة .. و قُل ما شُفتَها) ، وهكذا ينبغي علينا أن نتحلَّى بِخُلقِ التَّغافُل و لنَتَمثَّل قولَ اللَّهِ تعالى 🙁 سَلامٌ عَلَيكُم لا نَبتَغِي الجاهِلينَ) .
*حَفِظكم اللَّهُ ..*
*و حفِظَ اللَّهُ حضرموت من كل سوءٍ و مَكروه ..*
*و من كل شرٍّ و بلاءٍ و فتنة ..*
*قولوا 🙁 آمين )*






