اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

الحضارم والقات .. خطوات الضياع 4

الحضارم والقات .. خطوات الضياع 4

( #تاربة_اليوم ) / كتابات وآراء
كتب : محمد أحمد بالفخر
27 نوفمبر 2025

(خلّها تقع وحدة
سوا يا بالفخر)
في الأسابيع الماضية تحدثت عن الانتشار الكبير للقات في حضرموت وأساليب التسويق الرهيبة ووصوله إلى المناطق النائية والبعيدة التي لم تصلها أبسط الخدمات الضرورية،

وقد نُقِلَ حينها عن بعض السياسيين المعارضين للنظام أن الأسباب الرئيسية لهذا الانتشار الكبير للقات في حضرموت وبهذه السرعة الجنونية إنما يحمل أهدافاً سياسية بعيدة المدى وواضحة المعالم منها ترويض الناس للخضوع للمنظومة السياسية والحزبية وبالتالي تسهل قيادتهم وتوجيههم وفق مرادهم،

فالمُدمن لن يفكر في الحصول على أبسط الحقوق ولن يطالب بتغيير النظام وسيصمت على الانتهاكات وسينصبُّ تفكيره فقط في كيفية الحصول على هذه المتعة الزائلة وما يدور في فلكها،

وإذا حُسِبَ ذاك الكلام كجزء من نظرية المؤامرة فقد   يجعلني أصدقها لِما سمعته ذات يوم من أحد كبار المسؤولين عندما كنّا في زيارةً له مع بعض الشخصيات الحضرمية في العام 1994م فقلت له كم كنّا نتمنى لو أنكم حافظتم على القرار المعمول به قبل الوحدة وهو قرار منع دخول القات الى حضرموت لكان خيراً صنعتم فردّ عليّ ضاحكا فقال (خلّها تقع وحده سوا يا بالفخر)

فقلت له هنا تكمن المشكلة بذاتها إذا ما با تقع الوحدة سوا إلاّ بالقات،

وحقيقةً الرجل قالها مازحاً وإلاّ فهو لم يكن ذات يوم من المخزنين كما أعلم ولا يشجع على التخزين ولم يفتح في بيته ديواناً للمخزنين، كما يفعل الآخرون، ولكن ربما قالها على اعتبار ان سياسة الدولة تسير في هذا الاتجاه وتشجّع على ذلك ليكون الناس سواسية في تعميم البلاء على الناس جميعاً وأي بلاءٍ أشدُّ من بلاءِ القات،

إذن الخلاصة صارت حضرموت سوقاً عامراً للقات وأصبح الانفاق عليه بلا حدود وخاصة في مواسم الزيارات الرسمية وغير الرسمية لكبار رجالات الدولة حيث تعقد لهم جلسات ودواوين القات وفيها يلتقون بمن أرادوا اللقاء بهم،

طبعاً من المحظوظين وممن هم ضمن دائرة شبكة علاقاتهم ودائرتهم السياسية، وأيضاً مجاميع المؤلفة قلوبهم،

وبمعنى أدق أنّ هذه الجلسات قطعاً ليست مفتوحة للنظر في مشاكل الناس وقضاء حوائجهم،

وهنا أتذكر زيارة سريعة كانت لنائب الرئيس في ذلك الوقت إلى المكلا استغرقت يوماً واحداً،

ومن المصادفة أنني كنت بعدها بأيام في مكتب مدير عام ديوان المحافظة لمتابعة بعض الأمور وإذا بأحد الأشخاص من تجار القات المشهورين يحمل إليه أمر صرف بمبلغ مليون ريال يمني قيمة القات لفخامة النائب والوفد المرافق له ليومٍ واحدٍ فقط لا غير!

وإذا لم تخني الذاكرة كانت قيمة المليون في ذلك الوقت بما يعادل مائة ألف ريال سعودي فما بالكم لو أن الزيارة تمددت اياماً أخرى فكم كانت ستكون الفاتورة؟

والسؤال العريض الذي يفرض نفسه أيضاً ولا بد من طرحه،

كم كان يصرف كبير القوم صاحب الفخامة على القات في زياراته المتكررة والتي تتعدى الأسبوع الواحد أحياناً وعدد المرافقين له بالمئات؟

ثم أصبحت مجالس القات في حضرموت هي السمة البارزة لكبار مسؤولي الدولة أبان فترة تولّي (مؤمن آل فرعون حسب تعبير عشاقه) إدارة المحافظة بدأً من سيادته ومروراً بمدراء العموم والقيادات العسكرية والأمنية وكذلك الشخصيات الاجتماعية والقبلية والتجارية وبالذات ممن كُتِبَ لهم البروز والنجاح واستغلال الطفرة المادية الكبيرة وخاصة في فترة ما بعد 1994م ولهذا أصبحت مجالس القات مدخلاً لتدمير القيم الأخلاقية الرفيعة التي كان يتصف بها معظم أبناء حضرموت،

فديوان سيادته يكاد يكون التخزين شبه يومي حيث يأتي اليه كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية وانتشرت دواوين القات الأخرى في كل مكان ابتداء من مقر الحزب الحاكم وغيره من الأحزاب الأخرى والتي يدعون اليها كبار المسؤولين وتنقضي فيها كل حوائجهم وأكثر،

وحتى رموز الحزب القديم الذين قاموا هم بتنفيذ قانون منع دخول القات الى حضرموت على أرض الواقع أبان فترة حكمهم الذي انتهى عام 1990م بإعلان الوحدة اليمنية، قد صار لهم ديوان للتخزين يجمعهم ويتذكرون فيه الأيام الخوالي ويضعون خططهم للمشاركات المستقبلية وتأمين المستقبل وعُرِفَ ديوانهم باسم (تورا بورا)

وقد زارهم (المؤمن) ذات يوم وخزّن معهم اعترافاً بوجودهم وبهدف تقريب البعض إن لم يكن كلهم،

وهنا سأتوقف على أمل اللقاء بكم في الأسبوع القادم إن شاء الله

*`المقالات التي يتم نشرها لاتعبر الا عن راي الكاتب فقط ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع`*

إغلاق