اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

الكراسي تكشف الحقيقة المرة .. عن زمن الواسطة والمحسوبية

الكراسي تكشف الحقيقة المرة .. عن زمن الواسطة والمحسوبية

بقلم / أ. علي عباس بن طالب
الخميس 20/ نوفمبر / 2025م.

*▪️ إذا عُيّن مسؤول اليوم في أي منصب، أول ما يفكر فيه ليس في الإصلاح ولا في خدمة الناس…* بل في من سيجلس حوله! يقرب الحاشية، ويحيط نفسه بالأقارب والمقربين، ويغلق الأبواب في وجه الكفاءات والمخلصين،
وكأن الكرسي إرثٌ عائلي، لا تكليفٌ وطني!

*ما أشدّ وجع هذه البلاد* حين يتكرر فيها نفس المشهد، نفس العلة، نفس الجرح المفتوح الذي لا يشفى .. كلّما صعد رجلٌ إلى منصبٍ من المناصب، كلما تسلّم أمانةً من أمانات الناس، وإذا به .. بدل أن يفتح أبوابه للضعفاء، ولأصحاب الحقوق، ولمن يستحقون .. نجده يغلق الأبواب كلها .. إلا باب حاشيته!

*يا الله ..* كم خذلتنا المناصب وكم خذلنا بعض من جلسوا على الكراسي .. فالمنصب الذي خُلق ليكون خدمةً صار عند البعض غنيمة، والكرسي الذي خلق ليُسند به المظلوم صار منصةً لرفع المقربين، والأقارب، والمحاسيب، والتابعين، والنافذين.

صرنا والله في زمنٍ عجيبٍ مقلوب الموازين، زمنٍ لا يُقدَّر فيه العلم ولا الخبرة ولا الأمانة، بل يُقدَّر فيه فقط: من تعرف؟ ولمن تنتمي؟ ومن معك في الصورة؟

*إذا لم تكن قريبًا من المسؤول،* فمهما بلغت من علمٍ أو اجتهادٍ أو شهادةٍ أو كفاءة، فمكانك، للأسف ..  الأرشيف أو عند الباب .. أما أصحاب الثانوية أو حتى من لا يحملون شيئًا سوى ألسنة التملق وقلوب النفاق، فالمناصب تنتظرهم، والمكاتب تُفرش لهم، والقرارات تصدر بسرية تامة .. “حتى لا نحسدهم”!

*يا للعجب ..* كيف يُهمل الطبيب ليستشار الجاهل ويُقصى المتعلم ليُقرب المنافق؟ ويُهمَّش المخلص ليُكرم المتسلق؟ أليس هذا هو الفساد بعينه؟ أليس هذا هو الذي جعل أوطاننا تمشي للخلف بدلًا من الأمام؟

لقد أصبح بعض المسؤولين يظنون أن المناصب ملكٌ شخصي، يجمعون حولهم بطانةً تمجدهم وتصفق لهم، وتخفي عنهم الحقيقة، حتى إذا سقطوا، سقطوا وهم لا يعلمون السبب!

كفى عبثًا بمستقبل الأجيال، كفى احتكارًا للمناصب باسم القرب والقرابة، كفى إهانةً للكفاءات التي أفنت عمرها في طلب العلم والخدمة بصدق.

إن الإصلاح الحقيقي لا يبدأ من توقيع أو قرار، بل من ضميرٍ حيٍّ ومسؤولٍ يخاف الله، يعرف أن الكرسي أمانة لا غنيمة،
وأن المنصب ابتلاء لا مكسب، وأن العدالة ليست شعارًا يُرفع، بل سلوكًا يُطبّق.

إلى متى سيستمر هذا العبث؟ إلى متى سنبقى نكسر جناح الكفاءة لنرفع من لا يستحق الطيران؟ ألم يأنِ لنا أن نفهم أن الأمم لا تبنى بالمحسوبية، بل بالعدالة والإنصاف؟

يا من تتولون المناصب،
تذكروا قول النبي ﷺ:

> “ما من عبدٍ يسترعيه الله رعيةً يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرّم الله عليه الجنة.”


وكم ضاعت من أوطان، وكم انهارت من إدارات، وكم خسرت مؤسسات فقط لأن المسؤول جعل حاشيته فوق المصلحة العامة، ونسي أن الناس هي السند، لا الحاشية التي تتخلى عنه عند أول هزة.

*يا سادة المناصب…* ارفعوا الكفاءة ولو خالفتكم، وادفعوا بالعدل ولو أغضبكم،
واجعلوا الناس كلّهم حاشيتكم… إن أردتم البقاء في ذاكرة الخير.

أما من يستقوي بالمقربين .. فإنما يبني عرشه على الرمل، وسيأتي يوم تهب فيه الريح .. فيسقط وهو لا يشعر.

إغلاق