الحسد داءٌ يفتك بالمجتمع الحضرمي
كتب/ سفيان بن ذياب
*الجمعة 14 نوفمبر 2025م*
*من المؤسف حقّاً أن نرى في مجتمعنا الحضرمي اليوم انتشار الحسد والبغضاء بين الناس بصورة لم تكن معهودة من قبل.*
*فأصبح الأخ يحسد أخاه، والجار يضيق صدره من جاره، وأصحاب المهنة الواحدة يتحاسدون على أمور بسيطة من متاع الدنيا الزائل، وكأنهم نسوا أن الأرزاق مقسومة، وأن الله يرزق من يشاء ويمنع عمّن يشاء بحكمته وعدله، وأن ما كتبه الله للإنسان لن يأخذه غيره.*
*لقد كان أجدادنا الحضارم مثالًا في نقاء القلوب وصفاء السريرة، يتصفون بالرضا والقناعة، ويتمنّون الخير لبعضهم البعض، فكانوا يعيشون في محبة ووئام، لا تعرف قلوبهم الغِلّ ولا الحسد.*
*أمّا اليوم، فقد تغيّر الحال، وغلبت المادّيات على النفوس، وضعف الإيمان بالقضاء والقدر، فامتلأت القلوب غيرةً وحقداً، وابتعد الناس عن أخلاق الآباء والأجداد.*
*فما الذي تغيّر اليوم؟ وما الذي جعل داء الحسد يستشري بيننا بهذه الصورة المؤسفة؟*
*إن السبب في ذلك يعود إلى ضعف الإيمان، وانشغال القلوب بالدنيا، وغفلتها عن شكر الله على ما أنعم به.*
*أصبح كثير من الناس يقيسون قيمتهم فيما بينهم بما يملكون، لا بما هم عليه من خُلُقٍ ودِين، فامتلأت القلوب حسداً وضغينة، وكانت النتيجة تفرّق الأسر، وتشتّت القلوب، وانتشار الأمراض النفسية والجسدية، وعلى رأسها الأمراض الخبيثة التي لم تكن معروفة بهذه الصورة بين أوساط الحضارم من قبل، وسببها الرئيسي (العين) الناتجة عن الحسد.*
*ولذلك، من الواجب على كل فرد أن يراجع نفسه، وينظر في قلبه، ويتساءل:*
*هل أنا راضٍ بما قسمه الله لي؟*
*هل أفرح لنعمة غيري كما أفرح بنعمتي؟*
*هل أحمد الله على ما رزقني بدل أن أتمنى زوال ما عند الآخرين؟*
*الحاسد في الحقيقة لا يضر إلا نفسه؛ يعيش مهموماً، ضيّق الصدر، ساخطاً على أقدار الله، لا يرى في الدنيا إلا ما عند الناس، فيفقد راحته وطمأنينته، بينما يعيش القنوع مطمئنّاً راضياً بما كتب الله له.*
*ولهذا، علينا جميعاً أن نحارب هذا الداء الخطير بالإيمان والرضا، وأن نُحصّن أنفسنا بالأذكار الواردة في السنة النبوية، كأذكار الصباح والمساء، وقراءة المعوّذات، وسورة البقرة، والدعاء بالبركة لمن نرى عنده نعمة، فقولك: “ما شاء الله، تبارك الله” تحفظ النعمة من الزوال، وتغلق باب الحسد قبل أن يُفتح.*
*فبالقناعة والرضا يزول الحسد، وبالمحبة والتعاون تعود الألفة إلى المجتمع الحضرمي الذي عُرف عبر الأزمان بنقاء القلوب وصفاء النوايا.*






