لا للاستبداد بالراي الحوار الصادق طريق النجاح
بقلم / الشيخ حسين غالب العامري
الخميس 13 نوفمبر 2025
الحمد لله الذي لا معبود سواه، وصلاة ربي على الرحمة المهداة، ومن اقتدى بهداه.
أحبتي، لعل كلماتي تخفف أوجاعي، ولنا في التأمل بأحوال أمتنا التي تنزف في كل وادٍ عبرةٌ وعظة. لماذا استُرخصت الدماء؟
أحبتي، قد أطيل عليكم قليلاً، ولكن علينا أن نتأمل ما حلَّ بأمة التوحيد، وما نشاهده في أرض المسرى والمعراج مما يُبكي العيون ويُقطّع القلوب ألماً وحرقة، بأيادٍ نزعت منها الرحمة والإنسانية، كأنياب الوحوش وقلوبٍ تخلّت عن معاني الإنسانية بكل عنجهيةٍ وصلف.
إن ما يحصل لإخواننا في فلسطين من إبادةٍ وتهجيرٍ وتنكيلٍ وإذلالٍ، لم تسلم منه حتى الشجرُ ولا الحجرُ، وما نسمعه من إقرار إعدام الأسرى تحت صمت العالم أجمع، ومشهد امرأةٍ تناشد: وا معتصماه!، فتحركت يومها الجيوش الجرارة، أما اليوم فملايين الناس تناشد، ولا من مجيب، لا غذاءَ ولا دواء، ولا يزال نزيف أمتنا مستمراً.
وما يحصل لإخواننا في السودان مؤلمٌ أشد الألم، وعلى أيدي من يدّعون الإسلام!
أين نحن من قول المصطفى ﷺ: «لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم مسلم»؟
أمةَ التوحيد، إلى أين نحن ماضون؟ وهل على الأرض مخلّدون؟ كلا والله، بل راحلون، وبكل ما اقترفنا محاسبون.
وليس مقالي هذا – ولا ما سبقه من مقالاتٍ – إلا نصحاً ومناشدةً لشيوخنا وعقلائنا وسلطتنا، ولكل المكونات والشرائح الحضرمية من مفكرين ومثقفين: أين أنتم مما يُدار بأرض الحضارة والقيم والأخلاق؟
لقد شاهدنا بالأمس سفير الاتحاد الأوروبي والوفد المرافق له في أحد المقاهي الشعبية وهم يتناولون الشاي والباخمري، يتنعمون بالأمن والأمان، فأي نعمةٍ هذه! ومن الأَولى أن نحافظ عليها. لنا في معاناة إخواننا في مشارق الأرض ومغاربها عبرةٌ وعظة.
نقولها للمرة الألف: أوقفوا أبواق الاسترزاق وإشعال فتيل الفتنة، وأغلقوا الأقلام المأجورة. اجلسوا وتحاوروا وتنازلوا لبعضكم البعض. لا تجعلوا حضرموت سلعةً للبيع والشراء.
إن حضرموت بأمسِّ الحاجة إلى الصادقين لترقيع ثوبها الذي مزقته الأهواء والتحزبات والأجندات السياسية، وزادها فقراً ومراضاً ونهباً للثروات.
حضرموت بحاجةٍ إلى نهضة القيم والأخلاق قبل العمران، إنها حضرموت يا سادة!
أفلا من رجلٍ رشيد؟
وما أحوجنا أن ننهض بها، وهي تختزن كل المؤهلات البشرية ومقومات النهضة، ولا ينقصنا سوى صدق النوايا، وولاؤكم وحبكم لحضرموت.
نعم، ستنهض بإذن الله بسواعد أبنائها وترابطهم، بالجلوس إلى كلمةٍ سواء، والتجرد من الانتماءات الحزبية والنعرات القبلية والسياسات الخارجية.
حذارِ ممن يصب الزيت على النار، فتحرق الجميع، وتقدّم حضرموت على طبقٍ من ذهبٍ لمن لا يريد لها الخير.
أين دور المنابر والعلماء في النصح والإرشاد؟
أما كفى الناس ما هم فيه من فقرٍ ومرضٍ وفسادٍ وسرقاتٍ وإراقة دماء؟
اجعلوا حضرموت الغاية المنشودة، والحاضنة للجميع.
إن ما تمر به حضرموت من أزمةٍ يحتاج إلى الحكم والحكمة والرأي الرشيد للخروج بها إلى برِّ الأمان.






