اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت: منتدى “مستقبل حضرموت” — حوار لتجاوز الماضي نحو المستقبل

حضرموت: منتدى “مستقبل حضرموت” — حوار لتجاوز الماضي نحو المستقبل

بقلم / عبدالله عمر باوزير
الخميس 13 نوفمبر 2025

المستقبل… كلمة جميلة ومبشّرة، لكنها مغلقة في ذات الوقت، لأنها تحمل الأمل في قادمٍ مجهول.
ألقى بها أحد الإخوة في حوارٍ ثلاثي جمعني مع الدكتور سعيد بن الزوع والمخضرم الدكتور سعد الدين بن طالب قبل أشهر، في إطار – أو امتداد – لحوارات حضارم المهجر التي أنشأها الدكتور الزوع قبل نحو سنتين، والتي تفاعلت فيها الأفكار وربما اصطدمت أحيانًا، وذهبت إلى التعصب لبعض المكونات الحضرمية، مما أعاق الهدف منها.
لكن الزوع لم يتزعزع عن فكرة التغيير وأهمية الحوار بما يخدم مستقبل حضرموت، من خلال حوارات مفتوحة في ظل هذه الأوضاع من التشرذم في الداخل، والشتات في المواطن الحضرمية – العريقة شرقًا والحديثة في الغرب.

عندما طرحا عليّ فكرة المنتدى رحبت بها والمشاركة فيها؛ فالفكرة تحمل الأمل، لكنها في الوقت ذاته أصابتني بالتوتر خلال انتظاري طبيعة المشاركين في هذا المنتدى، الذين بلا شك بذل الدكتور سعد الدين والدكتور سعيد جهودًا مضنية في التواصل معهم، إلى جانب آخرين لا معرفة مباشرة لي بهم، حتى كان اللقاء الأول مفعمًا بالأمل بتلك النخبة النوعية.

تجدّد الأمل، لكن ازداد التوتر أمام ما أبداه البعض من خيارات واحتمالات صعبة، وأصعب ما فيها: كيف نصوغ وعيًا وثقافة سياسية لمواجهة تحديات المستقبل، بعيدًا عن قيود العصبويات المجتمعية والتنظيمية، بما يؤدي إلى توحيد إرادة مجتمعٍ فقد كثيرًا من قيمه وثقافته؟

ما كنت أرغب في الكتابة عن الموضوع قبل لقاء التأسيس أو الإشهار، وفق “الأعمدة السبعة” التي أجد فيها استعارةً لأعمدة الحكمة السبعة للكولونيل توماس إدوارد لورنس – الشهير بـ”لورنس العرب” – الذي أسهم في رسم الخارطة العربية مع الجنرال البريطاني أللنبي، في أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية – الطورانية – والحرب العالمية الأولى، فيما عُرف عربيًا بـ اتفاقية سايكس – بيكو.

الاستعارة جميلة… ولكنها هذه المرة من أجل وحدة مجتمع حضرموت واندماجه مع جغرافيته، لا لتمزيقه، بل لوضعه على خارطة السياسة في الجزيرة العربية كدور فاعل في إعادة توازنات القوى والأدوار في المحيط اليمني وعلى صعيد المجال العربي كـ”إقليمٍ قائد”.
وهذا يتطلب وعيًا مجتمعيًا تقوده ثقافة وفكر سياسي مختلف وخلاق، وهو ما يفرض حوارات مجتمعية مفتوحة، أفقية ورأسية، للتغيير الإيجابي، لا للتمترس خلف مكونات سياسية حضرمية أو حزبية أنتجتها المراحل الماضية أو دفعت بها هذه المرحلة من الصراعات اليمنية، بعد انقلاب الحوثي على مخرجات الحوار الوطني وهيمنته باسم “أنصار الله” على شمال اليمن.

وفي الوقت الذي عملت فيه معظم القوى اليمنية على تجاهل قدرات أبناء حضرموت، عملت كذلك على شلّ تلك القدرات بتفريخ العديد من المكونات لاستدامة الاستفادة من حضرموت الجغرافيا.
وهذا جانب مهم لا يتطلب مسايرة السلطات أو استراتيجياتها كما سمعناه – للأسف – في مداخلات البعض، بل يتطلب مساحة حرة مثل التي فتحها الأخ علي بن الشيبة في مبادرةٍ تبشيرية عبر منتدى مستقبل حضرموت.

الحوار المجتمعي… فكرة وتحدٍّ

الحوار المجتمعي فكرة وتحدٍّ قد تبدو غريبة على البعض، وصعبة الاستيعاب لدى آخرين، سواء على مستوى المجتمع أفقيًا، أو على مستوى النخب رأسيًا، كمفهومٍ ومنهج.
ورغم أنه يُعد من أكثر المفردات تداولًا في الأوساط الثقافية والسياسية لمعالجة الكثير من الخلافات في المجتمعات البشرية – المتقدمة منها والمتطلعة إلى مغادرة أوضاعها نحو الأفضل – إلا أن الأمر في مجتمعنا الحضرمي مختلفٌ وخطير، حيث تفشّت الخلافات أفقيًا وأثّرت رأسيًا، وصرفتنا عمّا يدور حولنا وما يمكن أن يتشكل في صراع قوى أبعد على مستوى العالم.

هذا ما قادنا إلى مواجهة حقيقتنا، أو بالأحرى استوجب ضرورة الحوار في صميم أوضاعنا، ومن ثمّ مغادرتها نحو استبيان وسائل وأدوات المستقبل، الذي لن يتحقق إلا بقبولنا بعضنا بعضًا، وتوظيف اختلاف الرؤى والآراء في رؤى جامعة أكثر نضجًا لتجاوز “الأنا الحضرمية”.

وهي – في تقديري – أهم التحديات أمام منتدى مستقبل حضرموت.
ويبقى كل ذلك مرهونًا بالإرادة، وهي – في تقديري – متوفرة.
أما الإدارة، فهي قادمة لتنظيم حواراتٍ تعزز إرادةً عازمة على مغادرة ماضٍ صنع هذا التشظي، رغم صعوبة المعيقات.
فهل نمتلك الوعي الفكري والسياسي المختلف والمعاصر الذي يتطلبه المستقبل؟

إغلاق