اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

العمل الخيري والإنساني في مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها: نموذج آل بن محفوظ والفاعلين من أبناء المنطقة

العمل الخيري والإنساني في مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها: نموذج آل بن محفوظ والفاعلين من أبناء المنطقة

تاربة_اليوم /كتابات واراء

بقلم: الدكتور عبد الناصر سعيد محمد البطاطي
باحث أكاديمي

31 أكتوبر 2025م

يُعدُّ العمل الخيري والإنساني من القيم الراسخة في حضرموت، إذ يمثل أحد الركائز التي قامت عليها الحياة الاجتماعية في هذه الأرض الطيبة منذ قرون. فالإحسان والبذل والتكافل ليست مجرد مظاهر عابرة، بل هي تجسيد لروح حضارية إسلامية متأصلة في الضمير الجمعي الحضرمي، حيث تُعبِّر عن عمق الإيمان وسمو الأخلاق وشرف الانتماء إلى الإنسان قبل المكان.
وفي قلب هذه الصورة المشرقة، تتجلَّى مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها كنموذج فريد للتماسك الاجتماعي والنهضة الأهلية القائمة على العطاء. فقد أسهم رجالها وأُسرُها في بناء المدارس والمساجد والمستشفيات والمشاريع الخدمية التي جعلت منها واحة للخير والنماء، ومَعلمًا حضاريًا يفيض بالعطاء المستمر.
وفي هذا السياق، يبرز اسم الشيخ الجليل الفاضل/ سالم بن أحمد بن محفوظ – رحمه الله تعالى – كأحد الرموز البارزة في تاريخ العمل الخيري والإنساني في منطقة الهجرين دوعن وحضرموت عمومًا، بالإضافة إلى مناطق أخرى في اليمن، وفي المملكة العربية السعودية ودول العالم عبر المشاريع الوقفية، ومؤسسة العون للتنمية الخيرية. فقد كان رجلًا استثنائيًا جمع بين النجاح الاقتصادي والبذل الاجتماعي، وسخر ما وهبه الله من مال ومكانة في خدمة الناس ومساعدة المحتاجين والنهوض بالمجتمع المحلي. كان يؤمن أن الثروة الحقيقية ليست ما يُكدَّس في الخزائن، بل ما يعود نفعه على الإنسان والمجتمع.
لقد امتد عطاؤه – رحمه الله – ليشمل مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها، حيث ساهم في إيصال المياه والكهرباء إلى كل أرجاء المنطقة، وهي خطوة تنموية رائدة أحدثت نقلة نوعية في حياة الناس اليومية، ومهدت لنهضة عمرانية وخدمية شاملة. كما أسس مدرسة بن محفوظ الأهلية الخيرية النموذجية، التي مثلت منارة علمية وتربوية خرجت أجيالًا من أبناء المنطقة الذين حملوا مشعل العلم والمعرفة، فكان لهم دور فاعل في بناء المجتمع وخدمة الوطن. ولم يقف عطاؤه عند هذا الحد، بل شمل أيضًا دعم مستشفى الهجرين وتطوير خدماته الصحية وتوفير احتياجاته الأساسية، إلى جانب العديد من المشاريع الخيرية والإنسانية التي يصعب حصرها، لكنها باقية الأثر في ذاكرة المكان والإنسان.
وما يزيد هذا النهج بهاءً واستمرارًا أن أبناءه وأحفاده الكرام ساروا على خطاه المباركة، محافظين على إرثه الإنساني النبيل، ومواصلين العمل في مجالات التعليم والصحة والتنمية والرعاية الاجتماعية، ليؤكدوا أن الخير المتجذر لا ينقطع أثره ما دام هناك من يؤمن برسالته. فآل بن محفوظ الكرام لم يقتصر عطاؤهم على مجال دون آخر، بل امتد إلى ميادين شتى داخل الوطن وخارجه، وبما قدموه من أعمال إنسانية وثقافية وتنموية جليلة تركت بصمة واضحة في حياة الناس ومؤسسات المجتمع.
ومن بين هذه الأسرة المباركة، يبرز الشيخ الشاب الخلوق/ طارق بن محفوظ، الذي له بصمات مميزة في العمل الخيري والمجتمعي، تجسد روح الجيل الجديد من أبناء آل بن محفوظ الذين يجمعون بين العلم والعمل، وبين الوفاء للتاريخ والرؤية للمستقبل.
وإلى جانب آل بن محفوظ، لا بد من توجيه كلمة شكر وعرفان صادقة لكل الأسر الكريمة والفاعلين في ميدان الخير من أبناء مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها، ومنهم آل بن عفيف، وآل بادحمان، وآل العطاس، وآل الكاف، وآل الشيخ أبي بكر بن سالم، وآل بن لسود، وآل بالفخر، وآل الجويحي، وآل باقبص، وآل بابصيل، وآل اليزيدي، وآل السعدي، وآل باجابر، وآل باسمح، وآل البطاطي، وغيرهم من أهل الفضل والعطاء. لقد كانت لهم بصمات مشهودة في بناء المساجد والمدارس والمرافق العامة، وفي مساعدة المحتاجين والمرضى والأيتام، ودعم المبادرات الأهلية التي تخدم الصالح العام. إن أعمالهم – الظاهرة منها والخفية – تشهد لهم أمام الله والناس، وتعكس معدنهم الأصيل وإيمانهم العميق بمعاني التكافل الاجتماعي والمسؤولية الإنسانية.
لقد أصبحت مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها – بفضل هؤلاء الرجال والأسر المباركة – نموذجًا يُحتذى به في العمل الأهلي المسؤول، وفي توظيف المال والجهد لخدمة الإنسان والمكان. وما تحقق فيها من مشاريع خيرية وإنسانية إنما يعكس روحًا حضاريةً متجددةً تستمد قوتها من القيم الإسلامية الأصيلة ومن الإحساس العميق بالانتماء والواجب تجاه المجتمع.
وكلمات الشكر والعرفان تبقى – مهما بلغت – عاجزةً عن الإحاطة بجميل هؤلاء جميعًا، من آل بن محفوظ الكرام وسائر الخيرين من أبناء مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها. نسأل الله تعالى أن يجزيهم عنَّا وعن كل أبناء المنطقة خير الجزاء، وأن يجعل ما قدموه في ميزان حسناتهم، وأن يبارك في أرزاقهم وأعمارهم وذرياتهم، ويجعل الخير متصلًا فيهم ما تعاقب الليل والنهار.
فبمثل هؤلاء تُبنى المجتمعات، وتُصان القيم، وتُخلَّد المآثر، وتظل مدينة الهجرين التاريخية وضواحيها – كما عهدناها – مدينة الخير والعطاء والوفاء.
مع خالص التحية والتقدير لكل من ساهم ويساهم في هذا العطاء المبارك.

إغلاق