اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

تأخير قسمة الميراث شرارة الفُرقة بين الأقارب

تأخير قسمة الميراث شرارة الفُرقة بين الأقارب

كتب/ سفيان بن ذياب
الجمعة 31 اكتوبر 2025م

*كم من بيوتٍ كانت عامرةً بالمحبة والوفاء، اجتمع أهلها على المودة والاحترام، فإذا توفي العائل، تحوّلت الألفة إلى جفاء، والرحم إلى قطيعة، والسبب — في الغالب — تأخير قسمة الميراث.*

*جلستُ يومًا أتأمل هذا الواقع المؤلم، فوجدتُ أن المشكلة ليست في الميراث نفسه، بل في التسويف والتهاون في قسمته.*
*فعندما تُترك التركة معلّقة بلا حسم، تبدأ النفوس تتغيّر، وتُزرع بذور الشك والظنون، ويتسلّل الطمع شيئاً فشيئاً إلى القلوب.*
*وحينها يتحوّل الميراث من نعمةٍ أرادها الله وسيلةً للعدل والرحمة، إلى نقمةٍ تُمزّق الأسر وتُفرّق الأحباب.*

*إن تأخير القسمة ليس أمراً هيّناً، بل هو باب واسع للفتنة؛ فقد يتصرّف أحد الورثة في جزءٍ من المال بحجة الانتفاع المؤقت، فيتحوّل الانتفاع إلى استيلاء، وقد يطمع آخر في نصيبٍ أكبر مما كتب الله له، فيظلم نفسه ويظلم غيره. وربما يموت أحد الورثة قبل أن ينال حقه، فتتعقّد المسألة أكثر، وتتّسع دائرة النزاع.*
*وهكذا تضيع الحقوق، وتتكدّر النفوس، ويصبح ما خلّفه المورّث عبئاً ثقيلاً بدل أن يكون بركةً باقية.*

*إن المسارعة في قسمة الميراث بعد الوفاة ليست مجرد إجراءٍ مالي، بل فريضة شرعية وأمانة إنسانية تحفظ الحقوق وتُبقي صلة الرحم.*

*ومن الحكمة أن يكتب الإنسان وصيته في حياته، يوضح فيها ما له وما عليه، ويُبيّن توزيع تركته وفق الشرع.*
*فالوصية ليست مجرد أوراق، بل هي رسالة أمانة وعدل للأبناء والأقارب، تُغلق باب الخلاف وتقطع طريق الشيطان.*
*فكم من عائلةٍ نجت من النزاع بسبب وصيةٍ واضحة، وكم من عائلةٍ أخرى تمزّقت لأنها اعتمدت على الظنون والتأويل.*

*فيا أيها الآباء والأبناء، تذكّروا أن المال وسيلةٌ وليس غاية، وأن الرحم إذا انقطعت لا تُجبر بمال الدنيا كلّه.*
*فلا تجعلوا حبّ المال يطفئ دفء القرابة، ولا تسمحوا لتأخير القسمة أن يشعل بينكم نار الفتنة.*
*أقسموا الميراث بالعدل كما أمر الله، واحفظوا الأرحام بالمودة كما أرادها الله، فبذلك تستمر البركة، وتبقى المودّة، ويزول النزاع.*

إغلاق