حين تصالح الدماء وتنتصر الحكمة
بقلم / محمد كشميم
الخميس 16 اكتوبر 2025
في كل مرة اتأمل مشهد حضرموت اليوم ارى صورة رجل حمل على كتفيه ثقل التاريخ وهم المستقبل جاء والناس بين خوف من الفتنة وانتظار لعقل يطفئ النيران المشتعلة منذ سنين .
منذ ان تقلد #الشيخ مبخوت مبارك بن ماضي زمام المسؤولية عام 2022 واجه ثلاث قضايا دم ثقيلة عجز من سبقه ان يجد لها مخرجا حتى ظن الناس ان حلها ضرب من المستحيل وان النار ستبقى تحت الرماد تهدد السلم وتفكك النسيج .
لم يتردد ولم يقل دعها للزمن قالها بثقة القائد المؤمن بواجبه
حضرموت امانة وساكون لها كما كانت لي ومنذ تلك اللحظة بدأ فصل الحكمة في كتاب حضرموت .
القضية الاولى الشهيد احمد زكي باسالم المكلا
في قلب المدينة حيث ارتوت الارض بدم الشاب الجامعي النبيل ظل الجرح مفتوحا حتى اطل المحافظ في مارس 2023 على بيت الشهيد مواسيا ومطمئنا متحدثا بلغة الاب والراعي
قالها بصدق يخرج من القلب .
هذا الشهيد ابن حضرموت شهيدنا جميعا
بعد اسابيع قليلة تسلم المحافظ وثائق العفو من اسرة الشهيد في مشهد مهيب سجل في الذاكرة الحضرمية عنوانه الدم يطفأ بالعفو والحكمة تغلب الحنق وبالعفو الكريم اغلق الملف وارتفعت راية التسامح في سماء المكلا .
القضية الثانية جعفر صالح سعيد باعون دوعن
في وادي دوعن في مدينة بضة طال الانتظار وامتد الوجع لسنوات حتى جاء اليوم الفارق في 28 يناير 2024
حين جمع المحافظ الشيوخ والعلماء واعضاء مجلس النواب ووقف في مقدمة الصفوف فكان المشهد اشبه بعرس حضرمي كبير عنوانه الصفح .
اعلن اولياء الدم العفو عن الجاني لوجه الله فارتفعت الاصوات بالتكبير ووقف المحافظ مخاطبا الجمع قائلا
من عفا واصلح فاجره على الله وما من اصلاح اعظم من ان تحقن دماء ابناء الوطن الواحد .
كان ذلك اليوم لحظة ولادة جديدة لدوعن اغلقت فيها صفحة دامية وبدأت صفحة سلام ووحدة ووئام وأصبحت كلمات بن ماضي دستورا للصلح بين الناس .
القضية الثالثة كامل بن طالب ونجله عبدالله شبام
الاصعب والاعمق جرحا من وادي حضرموت في عقدة آل جعفر بن سالم من آل كثير الصلح كان حلما بعيدا حتى حانت 11 اكتوبر 2025 يوم التحكيم القبلي الكبير الذي رعاه المحافظ بنفسه
بحضور المشايخ والوجهاء والقادة والعلماء .
وفي لحظة انتظرها الجميع اعلن اولياء الدم رضاهم وانهاء الخلاف لتكتب نهاية مشرقة لصفحة سوداء وقف المحافظ مخاطبا الجمع قائلا
التسامح ووحدة الصف هما درعنا الحصين في مواجهة الفتن
وحضرموت لا تبنى بالدماء تبنى بالعفو والوحدة ومن يجعل التسامح دربه فلن تهزه الفتن .
كان ذلك اليوم يوما من ايام حضرموت الخالدة اذ اجتمع الناس على الصلح بعد طول شتات .
يا #أبا_عدنان اثبت أن القيادة ليست اوامر ولا مقاعد انها رسالة انسانية ومسؤولية تاريخية علمت الناس أن الحكمة تغلب الدم وان صوت العقل ابلغ من صوت الرصاص اطفأت ثلاث نيران لو تركت لاشتعلت في جسد حضرموت كلها فاستحققت ان يقال عنك انت من صنع السلام حين اختار الاخرون الصمت .
سلام عليك ايها القائد الذي لا ينام الا بعد ان يطمئن على مدينته
وسلام على عهد نقش في الذاكرة ان حضرموت لن تعرف الفتنة ما دام فيها رجال من طينتك حكماء لا يرفعون الصوت الا لقول الحق ولا يمدون اليد الا للصلح .
دمت يا رمز الحكمة والسلام راعي الوفاق وملهم الصفح
ولتكن سيرتك منارة للاجيال القادمة تروى في المجالس ويستشهد بها عند الشدائد ان حضرموت لم تنحن يوما لانها انجبت رجالا مثلك .






