مفهوم التربية ودورها في توجيه العواطف
كتب / زكي علي صبيح
الخميس9 اكتوبر 2025
لقد خزنت في باطن الإنسان حزمة من العواطف المتضادة .. وهي سر انفعالاته سلبا و ايجابا مع مجريات الحياة التي تحيط به ووفق الإدخالات و المجريات من حوله ..
وعند ما نتأمل نرى أن سر إنزال الكتب السماوية وإرسال الرسل عليهم السلام هو توجيه هذه العواطف و تهذيبها ففي القرآن الكريم يقول تعالى :*( ونفس و ماسواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها )*
إن توجيه هذه العواطف والغوص على جزئياتها يحتاج إلى اهل اختصاص يدرسون هذه العواطف وسلامة توظيفها .. لتنتج لنا نماذج متوازنة على مستوى من الوعي و الروية و التوأدة ..
ومفهوم التربية العميق هو المنهج الذي وضعه المختصون من العلماء الربانيون لتوجيه هذه العواطف وفق مراد الله
ورسوله وصبها في مساراتها لتثمر قيما راسخة ومبادئ متجذرة ..
إن بروز نماذج ومراجع مهذبة بهذه الدرجة من التحكم في تيارات المشاعر النفسية الجياشة لكفيل ببناء مستقبل راقي في فكره وثقافته ووعيه ..
فالقدرة على توجيه هذه العواطف إلى مساراتها السليمة التي يريد الله الحق المبين أن توجه إليها هو المفهوم المعبر عنه بالتربية بمعناها العميق ..
ثم إن المتأمل يرى أن وشيجة الحب وعاطفة المحبة هي التي تكاد تولد منها معظم هذه العواطف .. فشريعتنا الإسلامية اهتمت بهذه العاطفة لما تعلم من آثار عميقة مترتبة عليها وذلك على مستوى الفرد والمجتمع ..
لقد خلق الله هذه العاطفة العصية وتكون من أجله قال تعالى :
*﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللَّهِ أَندادًا يُحِبّونَهُم كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }*
وقوله تعالى : *﴿قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ﴾*
كل هذه الآيات البينات وغيرها الكثير تدل على أهمية سلوك عاطفة الحب وفق مراد الله ومراد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وما اتصل بهما ..
كما أنه يوكد لنا هذه الحقيقة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جاء عنه في الصحيح *( لايومن أحدكم حتى اكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )*
وقوله عليه الصلاة والسلام للرجل : *( انت مع من احببت )*
فالمتأمل أيضا كما سبقت الإشارة يرى أن باقي العواطف كالحزن والفرح والسخط والرضا كلها ذات صلة بالمحبة و المحبوب أيا كان فأنت تحزن لفراقه ، وتفرح بلقاه ، وتسخط على من ينال منه ،وترضى عمن احبه و سانده .. مما يؤكد ما أوردنا من أن المحبة مصدر لحزمة العواطف والوشائج التي كنزت في كل ذات بشرية ..
وللأهمية البالغة لهذه العوطفة و تهذيبها وتوجيهها ، نلاحظ أن الشريعة الإسلامية ربطت شأنها بالمصير الأبدي و بأصعب مواقف اليوم الموعود و موافقه فقال عليه الصلاة والسلام *( المرء يحشر مع من احب )*
والخلاصة : سعد من أعين على توجيه عواطفه تجاه مجاري الحق والصواب ووفق مراد الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى رأسها عاطفة الحب فإنما نحن عواطفنا فالنهتم بها و بتهذيبها ولنحيي شعيرة التربية في أسرنا و ديارنا و مساجدنا و مدارسنا و معاهدنا كي ننال بذلك سعادة الدارين ..
ودمتم ..






