أفي التناقضات يكمن الخلل، أم في عيشة الضنك؟
كتب / الشيخ حسين غالب العامري
السبت 19 يوليو 2025
الحمد لله كما ينبغي لعظمته وجلال سلطانه، وصلاة ربي على نور الهدى، ومن اقتدى بهداه.
أحبتي، والله لا ندري بما نكتب، فالحقيقة مؤلمة، والواقع مزرٍ.
كم كتبنا بصراخات شيوخ أنهكتهم الأمراض، وأرامل وأيتام، وكم من مُعسر، وأنين المعلم، وكل شرائح المجتمع.
وللأسف، عندما نشاهد شعبًا يتباهى بالمهرجانات والحفلات، بما يعكس للعالم أجمع أنهم يعيشون في رغد من العيش والترف… نتساءل: أي شعب هذا؟
وقد سبق لي في مقالٍ سابق أن حذّرت من المعاصي التي ترافق هذه المهرجانات والاحتفالات، بما فيها من اختلالات، وإفساد للقيم والأخلاق.
والله، إنه لأمر لا يقبله عقل ولا دين.
ومن يروّج لمهرجانات البلدة، واغتسال النساء والفتيات بجانب أفواج من الشباب، سبحان الله!
بهذه الحشود البشرية الممتدة على طول الشريط الساحلي، لو وقفوا وقفة، ولو عشر دقائق فقط، يطالبون فيها بتحسين الأوضاع المعيشية والخدمات وتوفير حياة كريمة، لعكسوا للعالم حجم الألم والمعاناة.
لكنهم انشغلوا باللهو والرقص والترف، وما فيه من معاصٍ لله، لذا ابتلانا الله بضنك العيش وتردّي الخدمات.
أيعقل أننا في بلد الخيرات والثروات، ومع ذلك الكهرباء تنقطع ست ساعات ولا تعمل إلا ساعتين، وبضعفٍ يتسبّب في تلف الأجهزة؟
لم نعد قادرين على شراء الضروريات، فهل نُبتلى أيضًا بتلف أجهزتنا؟
نقولها: هنيئًا لقيادتنا السياسية العيش الرغيد، بينما شعبها يعاني.
ورغم منغصات الحياة، نجد الشعب في احتفالات ومهرجانات!
نعم، إنها من عجائب هذا الزمان.
هناك شباب تخرجوا منذ أكثر من خمسة عشر عامًا من الجامعات، وكنا نعوّل عليهم في نهضة البناء والتنمية والاقتصاد.
ولكن، لا عجب، عندما يُهان العلم ويُهمّش المعلم، ونتطلع على التعيينات في مواقع التواصل، لابن المحافظ في وزارة الخارجية، وابن رئيس المجلس مديرًا لمكتب والده، وابن المسؤول في الملحقية الدبلوماسية، ويعيش في الخارج، ويتقاضى بالعملة الأجنبية.
أين نحن من هذا؟
يا هؤلاء، أتدرون أن هذا خيانة للأمانة والمسؤولية؟
أسأل: أين علماؤنا؟
أين منابرنا بكلمة النصح والإرشاد؟
إذا اختلت الأمانة، حلت الكوارث والدمار في المجتمعات والشعوب.
أقيموا ميزان العدل والإنصاف والمساواة، لتنهض أرض الإيمان والحكمة.
فلا تغتروا بملذات دنيا زائفة وفانية، إن الله يمهل ولا يهمل، وساعتها لا ينفع الندم.
كلمة لكل المكونات والشرائح الحضرمية، بمفكّريها:
أما كفانا شقاءً وتشتّتًا؟
كل يوم نسمع عن لقاء لهذا أو بيان لذاك، وكل طرف يدّعي حقوق حضرموت وإدارة شؤونها.
أما آن الأوان أن تفيقوا؟
وتفهموا لماذا يصمت المجلس الرئاسي والحكومة عما يجري في حضرموت؟
بل بدأت الآن المؤشرات، وبدأت الأقنعة تتكشّف هنا وهناك، لجرّ البلاد والعباد إلى منزلق الفوضى والصراع والفتنة.
يا حضارم، للمرة الألف نقولها:
اتركوا التعصب والهوى، والانتماء للأحزاب والنعرات القبلية، واجلسوا، وتحاوروا، وتنازلوا لبعضكم البعض.
والله، إن المناصب والجاه والأموال لن تنزل معكم للقبور، ولن يخلّدكم التاريخ إلا بما قدمتم لنهضة الأمة وخدمتها ورفعتها.
كفانا دغدغة لعواطف البسطاء، وجرّ حضرموت إلى منزلق الفوضى والصراع والفتنة.
أما كفانا؟
اليوم انقطعت الكهرباء أكثر من سبع ساعات!
أيُّ جرم هذا؟
حسبنا الله ونعم الوكيل.






