رمي الفلوس في الأعراس .. تَفاخر واستعراض أجوف لاعلاقة له بالكرم!
بقلم/ أ. علي عباس بن طالب
الأربعاء 16 يوليو 2025م.
▪️في زمن اختلطت فيه القيم، وارتفعت فيه الأصوات على حساب المعاني، بات البعض يتوهّم أن رمي الأموال على رؤوس من يرقصون في الأعراس هو كرمٌ وجودٌ وسخاء .. لكن الحقيقة أن هذا الفعل ليس إلا مظهرًا من مظاهر التفاخر المذموم، واستعراضًا أجوف لا يمتّ للكرم ولا للرجولة ولا للمروءة بصلة.
فأين العقول؟ وأين الرزانة؟ وأين الاحترام لمعنى النعمة والمال الذي هو أمانة بين يديك؟!
في زمنٍ غلب فيه المظهر على الجوهر ، أصبحت بعض الأعراس مسارح للتفاخر، وساحاتٍ لاستعراض الأموال، فتُرمى النقود على رؤوس من يرقصون، لا لشيء .. إلا لتسجيل لقطة “سناب” أو فيديو “تيك توك” يبهر الجهلة ويُضحك العقلاء!
فهل هذا هو الكرم؟!
لا ورب الكعبة، بل هو تبذير واستعراض مقيت، وسلوك لا يليق بأهل العقل والرزانة.
الكرم لا يكون في الرقص والصخب، ولا في إهانة العملة ورميها كأنها تراب!
بل الكرم الحقيقي هو:
في ستر المحتاج، في تفريج كرب الفقير، في دعم طالب العلم، في كفالة الأرملة واليتيم، في بناء المعروف حيث يستحق أن يُبنى.
حضرموت أرض الكرم وأهل الوفاء،
التي خرج منها العلماء والدعاة والأتقياء ، لا ترضى بأن يُشوَّه وجهها النقي بمظاهر دخيلة لا تمت للجود بصلة.
حضرموت، أرض الكرم والأصالة، لا ترضى أن تُشوّه مفاهيم الجود بهذه التصرفات المستوردة والمستوربة، التي لا تمتّ لتراثنا النبيل بصلة.
حضرموت لا تعرف استعراض الأموال على وقع الطبول، بل تعرف بيوتًا تُفتَح للمساكين دون مِنّة، وأكفًا تبذل في السرّ قبل العلن .. الكرم الحقّ ليس في نثر الأوراق، بل في ستر الأرواح .. هو أن تمسح دمعة، وتسُد جوعَة، وتكسو عارياً، وتفرّج عن مكروب .. هو أن تبذل المال في سِتر الحاجات لا في زخرفة الأهازيج!
حضرموت… أرض العراقة والأدب والمروءة .. منبع الكرم، وموئل العلماء، ومهد التجار .. لا ترضى أن تُشوّه هذه الصورة النقية بمظاهر دخيلة لا تمُتّ لأخلاقنا ولا لتربيتنا الحضرمية الأصيلة بصلة.
*أفراحنا يجب أن تكون رسالة:*
رسالة رُقي، وذوق، وأصالة… لا مهرجانًا للضجيج والتفاخر والتقليد الأعمى .. فاجعلوا أفراحكم سننًا حسنة، لا سخريات على أفواه الناس .. ازرعوا فيها المعروف، وزكّوا بها النية، وادعوا بها إلى القيم لا إلى الرياء.
*المال أمانة…*
فلا تنثروه على الراقصين، والقلوب الجائعة تنتظر لقمة .. ولا تتفاخروا بورق، واليتامى يترقبون عون منكم !
كفّوا عن العبث بمعاني الرجولة.
كفّوا عن تحويل الفرح إلى سخرية.
كفّوا عن تشويه معاني الكرم في أعراسنا.
يا أصحاب الأعراس، يا أهل الفرح،
اجعلوا أفراحكم سُنةً حسنة، لا سُخرةً مستهجنة .. ارفعوا مستوى الوعي، واغرسوا في أجيالكم أن الكرم ليس في كومة نقود تُرمى .. بل في أثر طيّب يُخلّف بصمة في حياة محتاج أو قلب منكسر.
توقفوا عن تحويل الأعراس إلى عروض مسرحية رخيصة .. ارفعوا قدر الفرح عن هذه المظاهر الساذجة .. واحفظوا لمعاني الكرم جلالها وهيبتها!






