اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

رحلتي الثانية إلى تركيا

رحلتي الثانية إلى تركيا

بقلم / موسى الربيدي


تركيا بلد عظيم وكبير، شهد خلال العقود الأخيرة تطورات هائلة وإنجازات ملحوظة، حتى أصبحت محط أنظار العالم في فترة قياسية. هذه النهضة، التي بدأت بوضوح بين عامي 1990 و2000، جاءت بعد مراجعة الشعب التركي لتاريخه ومكامن الخلل التي كانت تعيق نهوضه.

تركيا دولة ذات عمق حضاري وثقافي ضارب في الجذور. كانت الإمبراطورية العثمانية تسيطر على مساحات واسعة من العالم، وامتدت قوتها لتشمل جوانب كثيرة من الحياة السياسية والعسكرية والثقافية. لقد حافظت على الهوية الإسلامية، وعلى الفنون المعمارية الإسلامية، ووقفت بصلابة في وجه الغزوات الصليبية. عبر نحو 800 عام، شكّلت الدولة العثمانية نموذجًا لدولة عميقة الجذور في التاريخ.

أما اليوم، وفي زيارتي الثانية لتركيا، لاحظت تطورًا عمرانيًا وتقنيًا واضحًا، لكن في الوقت ذاته شعرت بأن شيئًا ما قد تغير. هناك مظاهر لضعف القدرة الشرائية، وركود نسبي في الحركة التجارية، رغم أن الوقت هو موسم صيفي عادةً ما يشهد نشاطًا سياحيًا. كثير من الأسواق، والمحلات، والمطاعم بدت شبه فارغة، وأسعار السلع ارتفعت، والليرة التركية فقدت الكثير من قيمتها.

هذا التراجع لا يعكس ضعفًا في تركيا كأمة، بل يدل على حجم التحديات التي تواجهها من . الغرب، في رأيي، لا يريد لتركيا أن تكون قوية ومؤثرة، ويعمل على محاصرتها اقتصاديًا وسياسيًا. لكن رغم ذلك، يبقى الشعب التركي منسجمًا مع ذاته، معتزًا بلغته وهويته وتاريخه.

لاحظت أيضًا نوعًا من “الاعتزاز الوطني” في التعامل اليومي، خصوصًا في رفض بعض الأتراك استخدام لغات أخرى غير التركية حتى في أماكن السياحة أو العمل. على سبيل المثال، التقيت دكتورة تتحدث الإنجليزية والعربية، لكن حين تحدثتُ معها، رفضت الرد بأي لغة سوى التركية، وقالت: “أنا في مقر عملي، ولا أستخدم إلا التركية.” وهذا موقف يعكس وعيًا بالهوية، لكنه في الوقت ذاته قد يُفهم في السياق التجاري على أنه عدم مرونة.

في المحصلة، تركيا بلد حيّ، مليء بالتناقضات والتحديات، لكنه بلد عريق يستحق الاحترام. ما زلت أرى فيها دولة لها وزن في ميزان الحضارات، وشعبًا قادرًا على النهوض رغم الصعوبات.

وإلى حلقة أخرى من رحلتي في إسطنبول…

إغلاق