بين زيف الوحدة وتجارة الانفصال.. ضاع الوطن !
مقال لـ / عبد العزيز صالح بن حليمان
الثلاثاء 8 يوليو 2025
وأنا أتصفح مواقع التواصل استوقفني مقطع نادر من ثمانينات القرن الماضي للرفيق علي عنتر عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني ونائب رئيس هيئة الأركان العامة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يخطب بشغفٍ وثبات بصوتٍ يحمل قناعة راسخة وشعوراً وطنياً لا يُساوم.
أعادني ذلك الصوت إلى زمن الشعار الثلاثي للحزب: النضال من أجل الثورة وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة لم تكن شعارات نردّدها في الطوابير أو نخطّها على الجدران بل خلاصة حلم جنوبي بوطن كبير.
في عام 90 تحققت الوحدة وسط فرح شعبي من صعدة إلى المهرة وكأننا على موعد مع فجر جديد لكن الحلم لم يكتمل إذ سرعان ما فرضت مراكز النفوذ في صنعاء هيمنتها وبدأت بتقزيم الشريك الجنوبي عندها شعر الرئيس علي سالم البيض أن التنازلات لم تقابل بشراكة بل باستحواذ فرفض الإغراءات وأصرّ على تصحيح المسار معلناً فك الارتباط في لحظةٍ فارقة أشعلت حرب صيف 94 وخرجنا منها إلى وطن مكسور تتقاذفه الأزمات.
سقط الشعار وتحوّلت الثورة إلى صراع مصالح والخطة الخمسية إلى وهم يلتهمه الفساد والوحدة إلى عبء تمزّق بين أطراف متصارعة والمفارقة أن كثيرين ممن صفقوا لعلي عنتر في خطاباته الوحدوية باتوا اليوم في خندق الانفصال بل وتحالفوا مع من اتهموهم بالأمس بنهب الجنوب!!
ضاع الوطن وبيع في سوق المساومات تحوّل المواطن إلى رقم تائه في معادلات لا تعرفه من حلم الثورة إلى ضياع الدولة ومن نشيد الوحدة إلى وجع الانقسام فلا الوحدة أنقذتنا ولا الانفصال أعاد لنا كرامتنا.
وها نحن اليوم على مشارف الخمسين عاماً جيلٌ أنهكته التحولات وخذلته الشعارات نرتدي كل يوم هوية ونخلع أخرى وحدويون حين يلوحون لنا بحلم الدولة انفصاليون حين تضيق بنا السبل حضارم عندما نبحث عن ملاذ لا يخوننا لا نعرف لأي ضفة ننتمي ولا أي وطن يحق لنا أن نحلم به عشنا غرباء في خرائطنا بلا جذر نعود إليه.. أقرب إلى البدون في وطن لا يرانا، هرمنا ونحن نحلم فاستيقظنا على خيبة تاهت بنا الطريق لا الماضي يصلح للعودة ولا الحاضر جدير بالبقاء ولا المستقبل واضح المعالم فقط نحن… جيل يقف عند منتصف الخراب يحدّق في المدى ولا يرى شيئاً سوى الغبار.






